حقائق وأساطير التخطيط العمراني في مصر

تعليق على الصورة:مصر أثناء الليل، لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا" يتاريخ 13 أكتوبر 2012

  • نُشرت في 20 نوفمبر 2016

المقدمة

منذ خمسينيات القرن الماضى تربينا كمصريين على فكرة أن وادي النيل والدلتا، المَقرَّين الدائمَين لحضارتنا على مدى السنوات الـ 7000 الماضية، قد اكتظا بالسكان ولا يمكنهما استيعاب المزيد من الناس. أما كمهندسين معماريين ومخططين، فقد تدربنا طوال النصف قرن الماضي بشكل شبه حصري على تصميم المشاريع الإقليمية والحضرية العملاقة واستصلاح الأراضي الشاغرة في الصحراء حتى يمكن “إعادة توزيع السكان” واستيعاب النمو السكاني المستقبلي.

على مدى السنوات الستين الماضية، وجهت الحكومات المختلفة مليارات الجنيهات من المال العام إلى ما لا يقل عن أربع خطط للتنمية العمرانية الإستراتيجية، بما في ذلك ستة مشاريع ضخمة لاستصلاح الأراضي و22 مما يسمى بالمدن الجديدة. جاءت نسبة من تلك الاستثمارات في شكل قروض من الوكالات الدولية التي تردد أدبياتها عن مصر هذه “الضرورة الطوبوغرافية” من الاكتظاظ السكاني ونقص الأراضي، باختصارٍ: إن تنمية الصحراء على نطاق واسع هي الجواب الطبيعي لوادٍ مزدحم.[1] وبالفعل، يضع أحد تقارير البنك الدولي الأخيرة عن مصر على غلافه صورة من الأقمار الصناعية تُظهر التركز السكاني في وادي النيل.[2]

خلال كل هذه السنوات، لم يحقق أي من هذه المشاريع الضخمة أقل القليل من أهدافه المكانية والسكانية المحددة مسبقًا. فتضاعف عدد سكان مصر ثلاث مرات تقريبًا بينما لا زالوا يعيشون في مناطقها التاريخية، حيث لم تتوسع كتلة الأرض السكنية إلى أكثر من 2%، وهي نسبة بعيدة كل البعد عن الـ32٪ التي ارتأتها إحدى خطط التنمية. نعم، يعاني المصريون التفاوت الصارخ في توفير المسكن الملائم، حيث يعيش أغلبيتهم دون أمن حيازة، وأكثر من نصفهم محروم من خدمات الصرف الصحي، و13% محروم من مصدر مياه آمن، وحوالي 7٪ منهم يعيش في مسكن آيل إلى السقوط، لكن هذه الفوارق ليس لها علاقة بكثافة السكان، بل هي في الواقع أحد نتائج الاندفاع الحكومي لـ”غزو الصحراء”، كما هو موضح في تحليلنا لميزانية العمران للسنة المالية 2016/2015.[3]

في سبيل جعل العدالة المكانية أولوية للتخطيط العمراني في مصر، فإن هذه الدراسة تهدف إلى استجواب أسطورة التخطيط العمراني المزدوِجة: أولًا: الزعم بأن الوادي والدلتا مكتظان بالسكان. وثانيًا: أن الحل الوحيد للسكان الحاليين والمستقبليين على حد سواء هو الهجرة إلى، والاستقرار في، المشاريع الضخمة بما فيها الحضرية والريفية.

الجزء الأول من هذه الدراسة يحلل الأسطورة الأولى من خلال حساب الكثافة الإجمالية والسكنية على مستوى المحافظات من أجل معرفة: هل هناك حقًّا ما يسمى بالارتفاع الشديد للكثافة الذي يتطلب إعادة توطين شامل. وإذا كان الأمر كذلك، فهل يعاني كامل الوادي والدلتا هذه المشكلة، أم بعض محافظاتهما فقط؟

الجزء الثاني من الدراسة يستجوب الأسطورة الثانية، من خلال سرد ملخصٍ لتاريخ مخططات التوطين الضخمة وما حققته فعليًّا. ثم ينتقل القسم الثاني إلى اثنتين من السمات المتكررة فى مشاريع إعادة توزيع السكان الضخمة، وهي مشاريع استصلاح الأراضي واسعة النطاق والمدن الجديدة العملاقة في الصحراء. هل المشكلة هنا في التخطيط أم في التنفيذ؟

مع استمرار ظهور مخططات عمرانية إستراتيجية جديدة تنتهج نفس سياسة إعادة توزيع السكان في المشاريع الكبرى في الصحراء، تخلص الدراسة إلى توصيات بسياسات تخطيط إستراتيجي أكثر عدالة وشمولًا واستدامة، والتي يمكن أن تثبت فعاليتها في معالجة عدم المساواة المكانية التي يعانيها غالبية المصريين.

 

عن منهجية البحث

هذا البحث يركز في مخططات التنمية الحضرية الرسمية في مصر ابتداءً من عهد عبد الناصر، عام 1954، حتى عام 2016. الأفكار والتوصيات الواردة في هذه الدراسة مستقاة من تحليل البيانات الكمية والنوعية. تم جمع البيانات الكمية من مصادر رسمية لبيانات السكان (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء) ومساحات واستخدامات الأراضي (الهيئة العامة للتخطيط العمراني). مع القيام بتحليل هذه البيانات وحساب الكثافة السكانية ومعدلات النمو السكاني والتي تم إلحاقها تفصيليًّا بالدراسة.

 

 

 1.الأسطورة الأولى: الوادي المكتظ

على الرغم من اختلاف السياسات التي اعتُمدت منذ إعلان مصر جمهورية في عام 1952، فقد روج جميع الرؤساء لترك وادي النيل والدلتا المكتظينِ وغزو الصحراء غير المستخدمة. روج جميعهم لإعادة توزيع السكان الشامل، وفي بعض الأحيان، لنقل المصريين وإخلاء الأراضي “المشبَعة” أو “القديمة” أو “المكتظة”، والتوسع بدلًا من ذلك في “الأراضي الجديدة.” ولكن خلال ستة عقود تضاعف عدد سكان مصر ثلاث مرات، في حين بقي الوضع كما هو في الوادي دون مشاكل مكانية رئيسية. قطعًا، كان للتوسع الحضري سواء الرسمي وغير الرسمي فوق الأراضي الزراعية تداعيات كبيرة على السيادة الغذائية، كما أثر الازدحام المروري المحلي والإقليمي في معظم المدن والقرى المصرية. يمكن أن يروج لهذه النقاط من زاوية التخطيط  أو من زاوية الإدارة، إلا أن القليل قد تم البحث عنه بخصوص الكثافة السكانية: هل الوادي كثيف السكان حقًّا وهل الكثافة إلى درجة أن الحياة لا يمكن تحملها؟

 

ما هي الكثافة في وادي النيل والدلتا؟

هناك عدة طرق لقياس الكثافة تختلف بناءً على ما تريد أن تظهره. نحن هنا نستخدم ثلاثة مستويات من الكثافة السكانية للإجابة على السؤال المهم حول حقيقة اكتظاظ وادي النيل والدلتا.

شكل 1يوضح التعريفات المستخدمة للكثافة الإجمالية, الكثافة المأهولة والكثافة المبنية المستخدمة في هذا الفصل (انظر ملحق: الكثافات السكانية لمحافظات مصر).

1-methodology

شكل 1 المصطلحات المستخدمة للكثافة الإجمالية, الكثافة المأهولة والكثافة المبنية

 

 

 

 

الكثافات الإجمالية:

أولًا دعونا نبدأ بحساب الكثافات الإجمالية دون القومية لكل من الـ27 محافظة، وهذا يعني تقسيم عدد السكان على إجمالي مساحة كل محافظة بما في ذلك جميع الأراضي الصحراوية الشاغرة التي قد تكون ضمن الحدود الإدارية. عمومًا، تُظهر معظم المحافظات كثافة منخفضة جدًّا حيث يبلغ متوسطها 854 نسمة لكل كيلومتر مربع.

ولم يكن غريبًا أن تأتي متوسطات الكثافة في كل محافظات الوادي، في صعيد مصر أقل أو أقل بكثير من متوسطات الكثافة، حيث لدى هذه المحافظات مساحات واسعة من الأراضي الصحراوية داخل حدودها الإدارية. كما أنه ليس من الغريب أن الكثافة في محافظات الدلتا تأتي إلى حد ما فوق هذا المتوسط، وخاصة تلك التي لا تتصل بما يسمى: الظهير الصحراوي، مثل: كفر الشيخ (903 نسمة/كم2) ودمياط (1446 نسمة/كم2) والدقهلية (1662 نسمة/كم2) والغربية (2419 نسمة/كم2). ولكن ما يثير الدهشة هو أن محافظات الدلتا التي تقبع على الهامش وتتصل بالصحراء، والتي يقترب عدد سكانها من المحافظات الداخلية، لها كثافة سكانية عالية مماثلة للأخيرة (1304 و1557 نسمة/كم2 في الشرقية والمنوفية على التوالي) بل جاءت أعلى في بعض الحالات (4486 نسمة/كم2 في القليوبية).على النقيض من ذلك، جاءت الكثافة في محافظة البحيرة أدنى من المتوسط (582 نسمة/كم2).

أما القاهرة والإسكندرية، كبرى وثانية أكبر محافظات حضرية على التوالي، فيحملان بعضًا من أعلى الكثافات الإجمالية (2977 و2070 نسمة/كم2 على التوالي)، وهذه حقيقة ليست مفاجئة نظرًا إلى أن الأغلبية الساحقة من مساحتيهما عبارة عن مدن حضرية (شكل 2) (انظر ملحق: الكثافات السكانية لمحافظات مصر).

2-gross-density

شكل 2 الكثافات الإجمالية لكل محافظة

 

كثافات المناطق المأهولة:

تتغير الخريطة بشكل ينم عن الكثير بمجرد إخراج الصحراء شاغرة الأراضي والبحيرات والأهوار والحقول المزروعة والطرق والقنوات من المعادلة لحساب الكثافة المأهولة. بهذه الطريقة بلغ المتوسط 2,180 نسمة/كم2، أو حوالي 2.6 مرة متوسط الكثافة الإجمالية. هنا يأتي حضر القاهرة الكبرى في الصدارة، حيث تتقدم محافظات القاهرة والقليوبية والجيزة إلى المراكز الأولى والثالثة والرابعة بمتوسطات 10,579، 4,627 و3,777 نسمة/كم2 على التوالي.

ومع ذلك، كان من المثير جدًّا أن البحر الأحمر، المحافظة الصحراوية قليلة السكان والتي تحمل ثانية أدنى كثافة إجمالية، تحمل ثانية أعلى كثافة مأهولة بمتوسط 4,796 نسمة/كم2. هذه الحقيقة وحدها تحسم أهمية حساب، ليس فقط الكثافة الإجمالية، ولكن أيضًا الكثافة المأهولة في عملية صنع القرار (شكل 3) (انظر ملحق:الكثافات السكانية لمحافظات مصر).

 

شكل 3؛ الكثافة المأهولة لكل محافظة

شكل 3؛ الكثافة المأهولة لكل محافظة

 

 

نسبة الكثافة الإجمالية إلى الكثافة المأهولة:

يظهر التباين بين الكثافة الإجمالية والكثافة المأهولة في المحافظات بشكل أوضح كنسبة تُظهر الفرق بين مجموع الأراضي المتاحة داخل الحدود الإدارية والأراضي المأهولة بالفعل بعد استثناء تلك المزروعة والمسطحات المائية والأراضي غير الصالحة للسكن. وهنا أظهرت المحافظات التي تعتبر جميع أراضيها مأهولة أو مخصصة لاستخدامات معينة نسبة 1:1، أما تلك التي لديها استخدام عالٍ للأراضي فأظهرت نسبًا بين 1:1 و1:1.5، وأظهرت المحافظات التي لديها استخدام متوسط للأراضي نسبًا بين 1.5 إلى 1:2، بينما أظهرت تلك المحافظات التي لديها أراضٍ صحراوية شاغرة أكثر جدًّا من المأهولة نسبًا أعلى من 1:2.

أربع محافظات فقط: القليوبية والمنوفية والدقهلية والغربية، أظهروا نسبة 1:1، وبالنظر إلى أن كلًّا من الدقهلية والغربية ليس لديهما امتداد صحراوي متاخم لحدودهما الإدارية، فسيؤدي النمو السكاني إلى التكثيف من المناطق المبنية القائمة أو إلى التوسع على الأراضي الزراعية. من ناحية أخرى، للقليوبية والمنوفية أراضٍ صحراوية غير مستغَلة خاصة في مدنهما الجديدة بمساحات 105 كم2 و65 كم2 على التوالي، والتي يمكن أن تستوعب ما بين مليون إلى مليوني شخص في كثافة بمعدل 15,000 نسمة/كم2.

لأربع محافظات أُخر استخدام عالٍ للأرض، حيث إن لدمياط وكفر الشيخ والإسكندرية والشرقية نسب كثافة إجمالية مأهولة بين 1:1 و 1:1.5،  في حين أن هذه المحافظات لا تزال لديها بعض المساحات لاستيعاب النمو السكاني بسهولة، فيقع كل شريط الشرقية عرضة لدرجات مختلفة من الفيضانات بسبب ارتفاع مستوى سطح البحر، فضلًا عن مخاطر العواصف (موجات تسونامي) على المستوطنات البشرية الساحلية.

تظهر محافظة واحدة فقط في مصر وهي البحيرة، متوسط استخدام الأرض (نسبة 1:1.6)، حيث يوجد فيها جزء كبير من الأرض الصحراوية غير المستخدمة. في الـ19 محافظة المتبقية، ويأتي استخدام الأرض منخفضًا، حيث يتراوح بين مستوى منخفض يبلغ 1:2.2 في بورسعيد إلى أعلى مستوياته البالغة 1:1675 في البحر الأحمر. حتى المحافظات الـ11 في وادي النيل أظهرت نسبًا من 3.3 إلى 1:62 (شكل 4) (انظر ملحق: الكثافات السكانية لمحافظات مصر).

 

شكل 4؛ نسبة المناطق الإجمالية إلى المأهولة حسب كل محافظة

شكل 4؛ نسبة المناطق الإجمالية إلى المأهولة حسب كل محافظة

 

 

كثافات المساحة المبنية:

هذا النوع من حساب الكثافة يبين الكثافة الواقعية في المستوطنات البشرية في كل محافظة، والتي تأخذ فقط بعين الاعتبار المنطقة التي يعيش فيها معظم الناس: المباني والشوارع والحدائق العامة والبنى التحتية. وتراوحت كثافة المساحة المبنية من مستوى أدنى بلغ 150 نسمة/كم2 في مطروح، المحافظة الصحراوية ذات المستوطنات االبدوية والمنتجعات السياحية الكبيرة، إلى مستوى أقصى بلغ 30,884 في الفيوم، وهي محافظة ريفية ذات أراضٍ زراعية كبيرة، لكن ما يثير الدهشة أن بها مساحات كبيرة من الأراضي الصحراوية الشاغرة.

إحدى المفاجآت أنه من بين أكبر عشر محافظات وفقًا لكثافة المساحة المبنية، جاءت اثنتان فقط: القليوبية والغربية، في الدلتا. المفاجأة الأخرى أن المحافظة ذات ثاني أعلى كثافة للمساحة المبنية هي السويس، المحافظة الصحراوية التي تقبع على قناة السويس خارج وادي النيل. القاهرة، التي عادةً ما تُقدَّم على أنها أكثر المحافظات كثافةً جاءت العاشرة، بكثافة مساحة مبنية حوالي 13,643 نسمة/كم2. لكن هذا المعدل يشمل المدن الجديدة، حيث ترتفع كثافة المساحة المبنية في القاهرة المدينة وحدها، حيث يقيم معظم سكانها، إلى 33,000 نسمة/كم2 )شكل 5(انظر ملحق: الكثافات السكانية لمحافظات مصر).

 

شكل 5؛ الكثافة المبنية لكل محافظة

شكل 5؛ الكثافة المبنية لكل محافظة

 

بالمقارنة بالمستوى الدولي، تصل محافظتان فقط إلى قائمة العشر الأوائل، حيث وصلت الفيوم والسويس إلى المركزين الرابع والثامن على التوالي(شكل 6.(

شكل 6؛ مقارنه الكثافة المبنية للمراكز الحضارية حول العالم بالمحافظات في مصر

شكل 6؛ مقارنه الكثافة المبنية للمراكز الحضارية حول العالم بالمحافظات في مصر

 

 2. الأسطورة الثانية: الخروج إلى المشاريع الكبرى

على مدى العقود الستة الماضية، حاولت الحكومة إعادة توجيه النمو السكاني إلى نوعين رئيسيين من التنمية الصحراوية: الأول هو برامج استصلاح الأراضي الضخمة مع مستوطنات ريفية جديدة، والثاني هو التنمية الحضرية الصحراوية واسعة النطاق فيما يسمى بالمدن الجديدة. يتم تصميم هذه المشاريع كجزء لا يتجزأ من الخطط الإستراتيجية القومية التي يتراوح أفقها الزمني بين عقدين إلى أربعة عقود، أو، كما هو الحال في معظم الحالات، يتم تصميم الخطط حول المشاريع (شكل 7).

 

 

شكل 7؛ المشاريع والخطط القومية

شكل 7؛ المشاريع والخطط القومية

في الستينيات، روج عبد الناصر للخروج من وادي النيل إلى المستوطنات الجديدة في المناطق الريفية والتي كانت جزءًا من المشاريع الإقليمية المبنية على خطط استصلاح الصحراء الشاسعة. بدأت هذه المشاريع بمخطط مديرية التحرير في عام 1954 والذي كان يهدف إلى استصلاح 60 ألف فدان من الصحراء الغربية[4]. بحلول نهاية ذلك العقد، تحول التفكير الرسمي إلى الخطط الإستراتيجية، حيث تم الإعلان عن خطة استصلاح ضخمة أخرى كجزء من الخطة الخمسية الأولى التي صدرت في عام 1959، والتي تضمنت تنفيذ الوادي الجديد في الصحراء الغربية موازية لوادي النيل وتستخدم الواحات كقاعدة لاستصلاح ما بين نصف مليون إلى 3 ملايين فدان[5]، وتكون موطنًا لأربعة ملايين نسمة[6].

خلال السبعينيات، صاغ السادات مصطلح “غزو الصحراء” وقدم خريطته الجديدة عن مصر، وهي الرؤية التي استحدثت فكرة المدن الجديدة، وهي عبارة عن مستوطنات حضرية واسعة بنيت من الصفر في قلب الصحراء على أن تستضيف الملايين من السكان بحلول عام 2000، بالإضافة إلى خطط ضخمة لاستصلاح الأراضي.[7]

استمر هذا الاتجاه في ظل حكم مبارك الذي بدأ مشروع مبارك لشباب الخريجين (المعروف بقرى الخريجين) في عام 1987. في 1997، قام مبارك بمزج البرنامجين، الريفي والحضري، في خطة مصر 2017  للتنمية الحضرية، والتي تهدف إلى إعادة توزيع النمو السكاني المتوقع، حوالي 24.4 مليون نسمة، على مدى السنوات الـ20 المقبلة في الصحراء، بحيث يذهب 13.3 مليون منهم إلى 44 مدينة جديدة والباقي إلى مشروعات استصلاح الأراضي على مساحة 4.3 مليون فدان، بما في ذلك مشروع توشكي الضخم.[8] وبعد سنوات قليلة، تم إطلاق مخطط  قرى الظهير الصحراوي كجزء من خطة مبارك الرئاسية في عام 2005، والتي تضمنت بناء 400 قرية لاستيعاب خمسة ملايين شخص بحلول عام 2022، وكذلك استصلاح مليون فدان.[9]

لم تؤثر ثورة يناير في عام 2011 وتغيير الأنظمة في سياسة إعادة توجيه النمو السكاني إلى مشاريع الصحراء الضخمة. بدأت الخطة الوطنية الإستراتيجية للتنمية الحضرية 2052 في عهد مبارك ولكن تم وضع لمساتها الأخيرة في عام 2012 ثم جرى تحديثها في عام 2014. وهي خطة تهدف إلى إعادة توجيه النمو المتوقع من 80 مليون شخص إلى مستوطنات حضرية وريفية جديدة، وهو ما يترتب عليه توسيع الأرض المسكونة في مصر بمقدار 12 مليون فدان، منها 6.4 مليون فدان سيتم استصلاحها[10] جنبًا إلى جنب مع خطة مصر 2052. بدأت الحكومة الحالية أخيرًا إستراتيجية التنمية المستدامة: مصر 2030، وهي التي تتضمن أهدافًا اجتماعية محددة مثل تخفيض عدد الأسر التي تستخدم المياه غير المأمونة أو التي تعيش دون صرف صحي مناسب، لكن هذه الخطة لا تزال تعتمد في المقام الأول على إعادة توزيع النمو السكاني في المستوطنات الصحراوية الجديدة وتنص في هدفها رقم 8 على التوسع في المساحة المأهولة بالسكان في مصر إلى 7.1 مليون فدان، 10% منها حضري، بحلول عام 2030[11](شكل 8).

????? ????? ???????

شكل 8 توسعات الحيز المعمور المستهدفة 1952 – 2052

اللافت في هذه الخطط الإستراتيجية المتعاقبة هو أنها فشلت جميعها في سعيها لزيادة مساحة الأراضي الصالحة للسكنى في مصر إلى أي رقم يقترب من أهدافها المعلنة، حيث ارتفعت كتلة الأرض السكنية بمصر بنحو 2% على مدى السنوات الخمسين الماضية، أو بنحو 0.04% سنويًّا (شكل 8).[12] وعلى سبيل المقارنة، فقد تراوح المعدل السنوي المستهدف تغييره بالمشاريع القومية بين 0.3% في خطة مصر 2030 حتى 1.3% لخريطة مصر الجديدة (جدول 1). هذه المعدلات تعتبر مرتفعة جدًّا حيث أنها تتراوح بين 7.5 ضعف المعدل السنوي الفعلي لزيادة الرقعة المأهولة (خطة مصر 2030) حتى 33 ضعفًا (خريطة مصر الجديدة)، مما يشير إلى قصور في دراسة مدى واقعية تنفيذ هذه الزيادات.

جدول 1 مقارنة بين مساحات الأراضي المأهولة التي تهدف إليها كل خطة من الخطط

الخطة الإستراتيجية الأفق الزمني الزيادة المستهدفة

(إجمالي)

الزيادة المستهدفة

(سنوي)

الفرق بين المستهدف والفعلي
سنوات ٪ ٪ معدل
الخريطة الجديدة 2000 25 32 1.28 33
مصر 2017 20 20 1.0 25
مصر 2052 40 24 0.6 15
مصر 2030 14 4 0.3 7.5

 

وكان لهذا بالطبع تأثير كبير في الأهداف الاجتماعية لخطط دفع ملايين المصريين إلى الخروج من الوادي إلى الصحراء. بعد 52 عامًا كاملة من بداية مشروع الوادي الجديد، كان يعيش هناك فقط 230,591 شخصًا لا أكثر.[13] أو ما يعادل 7.7٪ من المستهدف والذي كان حوالي 3 ملايين نسمة.[14] وجاءت نتائج مشروع توشكي الضخم سيئة هي الأخرى. ففي عام 2012، بعد ثماني سنوات من استصلاح الأراضي وخمس سنوات من الموعد النهائي، تم استصلاح 5.5٪ فقط من الهدف المخفض، 300,000 فدان.[15] ومن حيث عدد السكان، لم يكن هناك سوى 2,655 شخصًا في عام 2006.[16] وهو ما يعادل أقل من 1٪ من الـ3 ملايين المستهدفة في عام 2017.[17]

الوضع أسوأ بالنسبة إلى مشروع قرى الظهير الصحراوي واستصلاح المليون فدان الذي بدأه مبارك في 2005. خلال ثماني سنوات، تم بناء 13 قرية فقط وبقيت 49 أخرى قيد الإنشاء من بين الـ400 المستهدفين.[18] في حين ظل المليون فدان غير مستصلحين حيث غاب التنسيق بين الجهاز المركزي للتعمير الذى كان مسئولًا عن إنشاء القرى، وجهاز مشروعات التعمير والتنمية الزراعية المسئول عن استصلاح الأراضي. فتم بناء بعض القرى على أراضٍ غير صالحة للزراعة، كما لم يتم توصيل مياه الري إلى قرى أخرى، أو لم تخصص أراضٍ للمستفيدين من البيوت الريفية من أصله.[19] كما ظلت أغلبية القرى نفسها خاوية من السكان نظرًا إلى عدم توصيل مياه الشرب إليها، أو لبنائها بمناطق الكثبان الرملية، أو بمخرات للسيول.[20] هذا ما دفع بالجهاز المركزى للمحاسبات إلى كتابة تقرير عن إهدار نصف مليار جنيه على هذه القرى التى لم يستفد منها أحد يذكر،[21] تاركينها قرى أشباح تأكلها الرمال(شكل9  و10).[22]

شكل 9 صورة جوية لقريتي فارس الجديدة (أعلى) وتونة الجبل الجديدة (أسفل) | جوجل إرث

شكل 9 صورة جوية لقريتي الظهير الصحراوي؛ تونا الجبل الجديدة بالمنيا (أعلى) وفارس الجديدة بأسوان (أسفل) | جوجل إرث

أما بالنسبة إلى مشاريع الاستصلاح الضخمة الأخرى، مثل مخطط مديرية التحرير ومشروع مبارك لشباب الخريجين، فهناك شبه غياب كامل للبيانات الخاصة بها، بما في ذلك أهدافها السكانية والاستصلاحية وكذلك مدى التقدم الذي حققته، ما يجعل من المستحيل تحليلها بشكل دقيق. ونفس الشيء ينطبق على المدن الجديدة (لمعرفة المزيد انظر قسم 2.2) (شكل 10)

????? ????? ???????

شكل 10 عدد السكان المستهدف والفعلى في مشاريع الإستصلاح

2.1 مشاكل تخطيط المشاريع الضخمة لاستصلاح الأراضي

مع الفشل الذريع في تحقيق أي من الأهداف الاجتماعية أو الاستصلاحية، من الصعب ألَّا نستنتج أن المشاريع الضخمة لاستصلاح الأراضي كانت غير مدروسة اجتماعيًّا أو اقتصاديًّا أو تقنيًّا.

من الناحية الاجتماعية، لم يتم دراسة أنماط الهجرة والاحتياجات السكنية بشكل كافٍ، بينما تم استخدام معايير غير دقيقة للتقديرات السكانية. على سبيل المثال، لم تجذب هذه المشاريع أسرًا بل عمالًا أفرادًا، فوفقًا لتعداد عام 2006، فكل الـ 2,655 شخصًا الذين يعيشون في توشكى هم أفراد وليسوا أسرًا، وهم يعيشون في 18 مما يسمى بالمباني العامة، وهي مساكن غير دائمة مثل النزل وثكنات العمال والأكواخ.[23] وأظهرت إحصائية معبرة أن كل الـ2,655 هم من الرجال باستثناء 3 من النساء. ربما يفسر ذلك الوضع شبه الحدودي للمشاريع الجديدة أمثال مشروع توشكي، حيث يجري البناء على نطاق واسع في حين يفتقر المشروع إلى الأمن الوظيفي وغياب الخدمات الاجتماعية مثل التعليم والصحة، إضافة إلى بعد المكان، ما يجعل من شبه المستحيل على الأسر الهجرة إليه.

لم تكن معايير التخطيط المستخدمة في المشروع، والتي بني عليها توقعات أعداد السكان، دقيقة هي الأخرى. تتوقع خطة تنمية وبناء مصر 2017 أن منطقة السد العالي، والتي كان توشكي أحد مشاريعها الرئيسية، أن تجذب مليون شخص بحلول عام 2017.[24] كان الافتراض أن كل فدان من شأنه أن يوفر فرصة عمل واحدة، وبالتالي جاء التوقع بخلق 540,000 وظيفة.[25] وبالإضافة إلى ذلك، كان الافتراض أن كل فرصة عمل ستوفر الدعم لعائلة كاملة، على فرض أن حجم الأسرة خمسة أشخاص: أب وأم وثلاثة أولاد. وبالتالي، يكون كل فدان قادرًا على جذب خمسة أشخاص، وهذا يعني أن عدد السكان المستهدف هو 2.7 مليون شخص.[26] ولكن في الواقع، لا يتعدى متوسط حجم الأسرة المصرية 4.2 شخص في تعداد عام 2006.[27] بينما تخطيط الأرض لأصحاب الحيازات الصغيرة كان يخصص في العادة ما بين 5 إلى 10 أفدنة، وهو ما يعني عاملًا واحدًا لكل 0.1 أو 0.2 من الفدان، وليس عاملًا لكل فدان كامل كما كان يفترض. لكن جميع مخططات توشكي ضخمة الحجم (بين 10,000 إلى 130,000 فدان)، يستخدم المستثمرون فيها أنظمة ري محوري غير كثيفة العمالة، والتي يمكن أن تستخدم مشغلًا واحدًا وعددًا قليلًا من العمال الموسميين لكل 120 ألف فدان، مما يقلل نسبة العمل إلى الفدان أكثر وأكثر. جدول 2 يرسم مجموعة من السيناريوهات لحجم السكان على أسس تغيير معالم الأراضي المستصلحة وحجم الأسر ونسبة العمالة للفدان. وهو ما يساعد على شرح تأثير المعاملات الاجتماعية مثل حجم الأسرة ونسبة العمالة إلى الفدان، فبمجرد تعديل هذه المعاملات يتقلص عدد السكان المتوقع في عام 2017 في سيناريو A1 الأساسي من 2.7 مليون شخص إلى 216,000 شخص في سيناريو ) A2جدول 2(.

 

جدول 2  مجموعة من السيناريوهات لعدد السكان المستهدف في توشكي

سيناريو فدان نسبة العمالة الزراعية/الفدان حجم الأسرة التعداد الزراعي نسبة العمالة المساعدة/الفدان حجم الأسرة التعداد الداعم التعداد الكلي
أ 1 540,000 1 5 2,700,000 1 5 2,700,000 5,400,000
2 540,000 0.1 4 216,000 0.1 4 216,000 432,000
3 540,000 0.1 4 216,000 0.05 4 108,000 324,000
4 540,000 0.1 1 54,000 0.05 1 27,000 81,000
ب 1 300,000 1 5 1,5000,000 1 5 1,500,000 3,000,000
2 300,000 0.1 4 120,000 0.1 4 120,000 240,000
3 300,000 0.1 4 120,000 0.05 4 60,000 180,000
4 300,000 0.1 1 30,000 0.05 1 15,000 45,000
ج 1 20,102 0.1 4 8,041 0.1 4 8,041 16,082
2 20,102 0.1 4 8,041 0.05 4 4,021 12,062
3 20,102 0.1 1 2,010 0.05 1 1,005 3,061

 

 

على الصعيد الاقتصادي، اقترح بعض المخططين أن كل فرصة عمل مباشرة في العمل الزراعي من شأنها أن تولد فرصة عمل غير مباشرة في مجال دعم الصناعات مثل التعبئة والتغليف، والتجارة، والنقل، والخدمات الاجتماعية.[28]  مع تقليص نسبة العمل إلى الفدان إلى 0.1، سيعني هذا أن توقعات السكنى الداعمة للعمل ستتقلص من 2,7 مليون إلى 216,000 نسمة )جدول 2( لكن الحس السليم يجعل نسبة العمل الداعمة إلى نسبة العمالة الزراعية معقدة الحساب لأن العديد من المتغيرات يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار. أهم هذه الاعتبارات هو أنه في الزراعة الصناعية واسعة النطاق، يصبح الخط الفاصل بين قطاع العمل الزراعي الخالص وقطاع الصناعات الداعمة غير واضح، حيث يمكن لنفس العامل إتمام عدد من المهام في كل من “القطاعين” بما فيها الموسمية، مثل حصاد المحاصيل ثم التعبئة والتغليف في وقت لاحق في المستودع. في أحسن الأحوال، أي عمل إضافي مطلوب سيكون جزءًا صغيرًا من العمالة الزراعية الموجودة بالفعل، وفي أسوأ الأحوال، لن يكون هذا العمل إلا موسميًّا، وبالتالي غير دائم. وبالتالي، إذا أردنا تخفيض نسبة العمالة الزراعية إلى العمالة الداعمة لتصل إلى 0,5: 1، أو 0.05 للفدان، فسينخفض عدد السكان المتوقع للعمالة الداعمة إلى النصف، من 216,000 إلى 108,000 شخص، وهذا يعني تقليص عدد السكان الكلي لمنطقة توشكي الأصلية المستهدفة في سيناريو A1 من 5.4 مليون إلى 324,000 في سيناريو A3، أو مجرد 6٪ من الهدف الأصلي المتوقع )جدول 2(شكل 11).

 

شكل 11 العمالة المباشرة وغير المباشرة للسيناريوهات المختلفة لمشروع توشكي

شكل 11 العمالة المباشرة وغير المباشرة للسيناريوهات المختلفة لمشروع توشكي

 

هذا الجزء الصغير من الهدف يمكن أن يتقلص أكثر من ذلك إذا أضفنا حقيقة أنه في السنوات المبكرة من التطوير، ونظرًا إلى بعد مواقع توشكي، اختار العمال الهجرة وحدهم وترك عائلاتهم وراءهم. يظهر السيناريو A4 ما مجموعه 81,000 شخص يعيشون في توشكي في حالة هجرة عاملة، وهو ما يقل عن عدد السكان الأصلي المتوقع في سيناريو A1 بـ98.5%) جدول 2(.

على الصعيد التقني، بعد بدء المشروع تقلصت المساحة الإجمالية التي كان من المخطط استصلاحها بحلول عام 2017 إلى النصف تقريبًا، أي من 540,000 فدان إلى 300,000 فدان على فروع 1 و 2 من قناة زايد. إذا طبقنا نفس التصحيحات كما في سيناريو A، فسيتراوح مجموع السكان بين 240,000 شخص كحد أقصى في سيناريو B2، أو ما يعادل عدد سكان منطقة من مناطق القاهرة، إلى 45,000 شخص كحد أدنى في سيناريو B4، أو ما يعادل حجم أربع قرى أو بلدات متوسطة الحجم )جدول 2(.

بناء بنية تحتية لمشاريع استصلاح الصحراء وتعيين الأرض للشركات لا يعني تلقائيًّا أنه سيتم تنفيذها. بالإضافة إلى النكسات الفنية للمخططات، هناك فقدان للسيطرة على مساحات الأرض التي ستخصص في نهاية المطاف للمستثمرين من القطاع الخاص، والذين عادة ما يشكلون أكثر من 75٪ في مشاريع استصلاح الأراضي الصحراوية.[29] بين عامي 2010 و2014، تظهر صور جوجل إيرث ما مجموعه حوالي 20,000 فدان في أطوار مختلفة من التطوير (الشكل x)، أو ما يقرب من 6.7٪ من الـ300,000 فدان المستهدفة، وهذا بعد 75٪ من الجدول الزمني الذي ينتهي في 2017. وكان لهذا بالطبع تأثير كبير في جذب السكان إلى توشكي، حيث يظهر السيناريو ج أن ما بين 3000 و16,000 شخص كان يمكن أن يعيشوا هناك حتى الآن) جدول 2(. وهو ما يتوافق مع تعداد 2006 لـ2,655 شخصًا، وما يبتعد كل البعد عن التصورات الحكومية المليونية. وقريبًا، سيرسم لنا تعداد عام 2016 القادم الصورة الدقيقة (شكل 12).

 

شكل 12 صورة جوية تظهر الحيز المستهدف إستصلاحه بمشروع توشكي وما تم بالفعل حتى عام 2014 | جوجل إرث

شكل 12صورة جوية تظهر الحيز المستهدف إستصلاحه بمشروع توشكي وما تم بالفعل حتى عام 2014 | جوجل إرث

وكان مشروع توشكي دليلًا ساطعًا على أن معايير التخطيط والمحددات إما أن تكون قد تم غض الطرف عنها من قبل مخططين خائبين، أو، ما هو أسوأ، أن تكون قد تم استغلالها عمدًا من قبل مخططين متواطئين من أجل الدعاية السياسية.[30] وقد أثبتت مشاريع استصلاح الأراضي الصحراوية كيف أنها ليست فعالة في جذب النمو السكاني من الدلتا، وجاءت نسب العمالة إلى الأرض أقل بكثير مما كانت عليه في الأراضي القديمة نظرًا إلى استخدام التكنولوجيا، والتحيز إلى المحاصيل الدائمة مثل أشجار الزيتون والبساتين، والحاجة المرتفعة إلى العمل الموسمي، وبالتالي استبعاد العمالة الدائمة والهجرة المنزلية، في حين أن المناطق ذات الكثافة المنخفضة جدًّا تجعل من الصعب إقامة الخدمات الاجتماعية لمجتمعاتها. وقد عانت هذه المشاريع ذاتها أيضًا الإفراط في تحديد الأهداف السنوية لاستصلاح الأراضي، والتي فاقت قدرات الحكومة سواء التقنية أو المالية لتنفيذ البنية التحتية، وكذلك حدود المستثمر في زراعة الأرض.

 

2.2 مشاكل تخطيط المدن الجديدة

تم تصميم المدن الجديدة حتى تستوعب الملايين من الناس في غضون حوالي 25 عامًا من بدايتها. وبينما كانت هناك زيادة مُطَّردة في عدد الأشخاص الذين ينتقلون إلى المدن الجديدة، فقد ظلت هذه الأعداد جزءًا صغيرًا من الأرقام الحكومية المستهدفة. في عام 1997، بعد حوالي 20 عامًا من بداية برنامج المدينة الجديدة، وضعت الحكومة خطة التنمية والبناء لمصر 2017، وهي الخطة ذات العشرين عامًا والتي تسعى لجذب 12 مليون شخص للانتقال للعيش في المدن الجديدة قبل 2017.[31] وحين نقارن هذا الرقم مع  النمو الفعلي لعدد السكان في المدن الجديدة، كما يتضح من خلال ثلاثة تعدادات قومية (1986، 1996، 2006)، نجد أننا نبتعد سنة واحدة عن التاريخ النهائي لكننا لا نكاد نقترب من هذا الرقم (شكل 13). لماذا إذًا تأتي الأهداف الرسمية غير واقعية بالمرة؟

 

شكل 13 عدد السكان المستهدف والفعلي في المدن الجديدة

شكل 13عدد السكان المستهدف والفعلي في المدن الجديدة

 

معدلات النمو السكاني المتوقعة غير الواقعية

أولًا دعونا ننظر في معدلات النمو السكاني دون القومية (GRs). وفقًا لإحصاءات السنوات بين 1996 و2006، نمت المحافظات بين 1,78٪ سنويًّا في كفر الشيخ والغربية إلى 9,7٪ في جنوب سيناء، وهي أصغر محافظة من حيث عدد السكان والتي شهدت طفرة سياحية كبيرة (انظر ملحق: معدلات النمو السكاني فى مصر ).

 

وعلى سبيل المقارنة فإن معدل الـGRs في المدن الجديدة هو 5.8٪ في المتوسط، أو ما يقرب من ضعف المعدل القومي، ويصل هذا المعدل في حده الأعلى إلى 27,1٪ في مدينة 15 مايو الجديدة، أو ما يقترب من ثلاثة أضعاف المعدل دون القومي الأعلى (انظر  ملحق: معدل النمو السكانى فى المدن الجديدة). لكن هذا لا يمكن مقارنته بمعدل GRs في المحافظات لأن هذه مدن وليست أقاليم، كما أن الاستقرار بها بدأ حديثًا وبالتالي فهي لا تظهر معدل النمو.

 

وحتى مع ذلك، تظل هذه المعدلات بعيدة كل البعد عن معدلات النمو التي صممت المدن الجديدة لتصل إليها، وهي حوالي 95٪ على أساس سنوي بافتراض قاعدة سكانية حوالي 10٪ من الهدف (انظر  ملحق: معدل النمو السكانى فى المدن الجديدة ). هذا الهدف بالطبع غير واقعي بالمرة، سواء بالمقارنة بمعدل النمو الفعلي للمدن الجديدة، وهو ثلاثة أضعاف أعلى GR و20 ضعف متوسط الـGR، أو حتى بالمقارنة بأعلى GR دون القومي، حيث هو أعلى بعشرة أضعاف كاملة (شكل 13).

 

التوزيع الإقليمي غير المتساوي للمدن الجديدة بناءً على مساحة الأرض المخصصة لها

تتركز معظم المدن الجديدة في إقليم القاهرة الكبرى الذي يستضيف ثلاثة أرباع مجموع مساحة أراضي هذه المدن على الرغم من أنها تمثل 25% من السكان حيث نصيب الفرد 17,5 مترًا مربعًا.[32] وبالمقارنة، فإن نصيب الفرد من الأرض في صعيد مصر هو جزء صغير من هذه النسبة، حوالي 2 كم مربع للفرد.

 

حتى داخل الأقاليم، شكلت المواقع النائية للمدن في حد ذاتها عقبات، فبعضها يقع في صحراء قاحلة على بعد عشرات الكيلومترات عن أقرب المستوطنات القائمة، مثل مدن العاشر من رمضان والسادات والشروق وبدر. حتى تلك المدن الجديدة التي تم “توأمتها” بالمدن القائمة، مثل دمياط الجديدة ومعظم المدن في صعيد مصر، استطاعت أن تجذب سكانًا من تلك المدن فقط، وليس من المناطق الريفية المحيطة بها، وذلك لأن المدن الجديدة حضرية بشكل تام واستخدام الأراضي بها محدد بشكل صارم.

 

النفاذ غير المتكافئ إلى المدن الجديدة على المستوى المحلي

على مدى السنوات الـ15 الماضية، كانت المدن الجديدة في متناول المصريين ذوي الدخل فوق المتوسط فقط، حيث ارتفعت أسعار الأراضي في منطقة القاهرة الكبرى 16 ضعفًا خلال عشر سنوات، وهي مستمرة في الارتفاع. وقد أظهرت دراسات توزيع الأراضي الفوارق الهائلة بين مساحة الأراضي المخصصة لمساكن الطبقة العليا مقارنة مع التي تم تخصيصها للطبقات الوسطى وأقل من الوسطى، حيث أنه في القاهرة الجديدة تم تخصيص 94% من الأراضي لأعلى فئتين للدخل اللتين تشكلان فقط 40٪ من السكان.

 

بالإضافة إلى ذلك، لم يخدم المدن الجديدة إلا أقل القليل من وسائل النقل الجماعي، سواء بين المدينة وبين أقرب المستوطنات القائمة أو داخل المدن ذاتها. وهذا يعني أن الناس التي تهاجر إلى هناك تضطر إلى الاعتماد على السيارات الخاصة، والتي لا يستطيع التحصل عليها أكثر من 6.3% من الأسر المصرية (11,1٪ في الحضر و2,4% في الريف)[33]، أو إلى صرف أجزاء كبيرة من دخلهم ووقتهم على مزيج من خيارات النقل الجماعي الرسمية وغير الرسمية، حيثما وجدت، للوصول إلى العمل والعودة منه.[34]

 

وهذا يعني أن المدن الجديدة خدمت بصفة عامة مصالح [مضاربة]، حيث بلغ متوسط معدلات المساكن الشاغرة 58,6٪ وهو ما يعادل ضعف المعدل القومي، أو 281,379 وحدة سكنية شاغرة بالتحديد. تمثل مدينة طيبة الجديدة بالأقصر أعلى نسب المساكن الشاغرة، أو ما يعادل 86,7٪، في حين تمثل 15 مايو أقل هذه النسب، حوالي 31,6٪، وهو لا يزال أعلى من  المعدل القومي. (انظر ملحق: إحصاءات الوحدات الشاغرة فى مصر)

 

3. الخلاصة والتوصيات: نحو تخطيط عمراني أكثر عدالة واستدامة

 

بعد ستة عقود من بناء السياسات العمرانية على فرضية الحاجة الماسة إلى الخروج من الوادي المفترض أنه مكتظ وغزو الصحراء من خلال المشاريع الضخمة, يتضح أن الوادي ليس مكتظًّا وأن المشروعات المقترحة ليست مخططة  جيدًا. فمشاريع استصلاح الأراضي والمدن الجديدة أسست على معدلات غير واقعيه أو غير دقيقه للنمو السكاني المفترض, إضافة إلى أن المشاريع تركزت إقليميًّا ومحليًّا، وكذلك خصوصية المشاريع مثلت عقبة فى طريق النجاح الاجتماعي. بالإضافة إلى كل ذلك، فالتخطيط على المستوى الإقليمي وليس على مستوى المحافظات أدى إلى عدم تنفيذ أى خطط متكاملة, حيث إن الادارة الإقليمية في مصر لم تُفَعَّل حتى الآن (هنداوى 2015).

 

مع الإعلان أخيرًا عن مشروع ضخم جديد لاستصلاح الأراضي, مشروع المليون ونصف فدان, فضلًا عن أعمال البناء التي بدأت في ما لا يقل عن ستة مدن جديدة, فنحن فى أمس الاحتياج إلى إصلاح منظومة التخطيط العمراني فى مصر إذا كان لنا أن نعالج النمو الحضري, السيادة الغذائية والاستقرار الاقتصادي على نحو يتسم بالكفاءة والفعالية.

 

3.1 استنتاج: سوء إدارة استخدام الأراضي وليس الاكتظاظ

أظهر التحليل السابق أن وادي النيل والدلتا ليسا مكتظين، حيث يمكن للعديد من محافظاتهما استيعاب النمو السكاني في أراضيهم الصحراوية. على مستوى المستوطنات البشرية في المدن والقرى، كانت كثافة المساحة المبنية جيدة بمتوسط أقل بقليل من 12,000 نسمة/كم2، وأظهرت أربع محافظات كثافات مساحة مبنية أكثر من 20,000 نسمة/كم2.

فأين هي المشكلة إذًا؟ المشكلة في سوء إدارة استخدام الأراضي على مستوى المحافظة وعلى مستوى المستوطنات البشرية. الكثافة في حد ذاتها ليست مشكلة كبيرة إذا ما أديرت بشكل جيد، حيث يمكن العيش في بعض المدن ذات الكثافة العالية مثل سنغافورة[35]، كما أن الاكتظاظ لا يعني بالضرورة الزيادة السكانية.[36] لا تترجم الكثافة الأعلى بالضرورة إلى مستوى معيشة أدنى، ولكنها أيضًا تحتاج إلى حلول مخططة ومناسبة تشمل ارتفاع المبانى ونظام نقل عام متكامل، ما يفرض قيودًا مادية وتكنولوجية.[37] ولكن سوء إدارة الكثافة، كما هو الحال في مصر، يؤدي إلى تناقضات ضخمة داخل المنطقة المبنية الواحدة، ما يؤدي بدوره إلى عدم المساواة المكانية. كل هذا يجب أن يعمل على إعادة توجيه النقاش من الحاجة الملحة إلى ترك الوادي، والذي أثبت أنه ليس حلًّا في حد ذاته، وإلى ضرورة تخطيط استخدام الأراضي وإدارة البيئة المبنية بشكل عادل وفعال.[38]

3.2 الأهداف السياسية والمالية للمشاريع القومية تفوق الأهداف الاجتماعية

مع فشل تحقيق الأهداف السكانية على مدى العقود الخمسة الماضية في مشاريع استصلاح الأراضي ومخططات المدن الجديدة, لا يسع المرء إلا أن يستنتج أنها لم تعتزم القيام بذلك. هذا وقد أثبتت الدراسة أن معظم المشاريع (المعيبة بشكل عام) قادت المخططات الإستراتيجية القومية وليس العكس, حيث كانت الأهداف السكانية غير الدقيقه  مبنية على معايير تخطيط خاطئة أو معدلات نمو طموحة أكثر من اللازم, أو كليهما معًا. اقتصاديًّا, قد تكون مشاريع المدن الجديدة أخيرًا مربحة للحكومة[39], بينما مشاريع مخططات استصلاح الأراضي الضخمة أوقعت الوكالات الحكومية في مليارات الجنيهات من الديون.[40] يبدو أن المشاريع القومية على وجه العموم تتم لدعاية حكومية مكلفة جدًّا.

 

3.3 التوصيات ـ تفصيل إستراتيجيات صغيرة للتخطيط العمراني المحلي

 

من البديهي التعامل مع التقصير الإداري من غياب الكفاءة ومن الفساد في بعض الأحيان، مع تجنيب القرارات السياسات حتى يصبح للمخططات العمرانية الإستراتيجية فرصة لإصلاح مشاكل مصر العمرانية. فهذه التوصيات تفترض تواجد الهيكل الإداري السليم، وتركز فقط في إصلاح المنظومة التخطيطية من خلال وضع المخططات الإستراتيجية على مستوى المحافظة وليس الإقليم، ويكون لها أهداف قصيرة ومتوسطة وطويلة المدى، وتكون هذه الأهداف مرنة ويتم تحديثها بصفة دورية حسب التطورات على أرض الواقع، هذا بالإضافة إلى وضع هذه المخططات عن طريق المشاركة المجتمعية الفعالة من قبل السكان.

من خلال إحصاءات الكثافة السكانية التي تم تناولها في هذا البحث، يمكن تصنيف المحافظات إلى خمس مجموعات تشترك في أنواع التدخل حسب العلاقة بين معدل الكثافة الإجمالية والكثافة المأهولة بالإضافة إلي الكثافة المبنية. [41]كما تم أخذ خطر ارتفاع منسوب البحر وزيادة قوة العواصف والأمواج (التسونامي) في الاعتبار، والذى يهدد أجزاءً من ست محافظات لها تجمعات عمرانية ساحلية.

 

المجموعة الأولى: توسيع و إدارة استخدام الأراضي

على المدى القصير، القليوبية هي المحافظة الوحيدة التي ينصح بتوسيع حدودها وإدارة استخدام الأراضي بها نظرًا إلى أن نسبة الكثافة الإجمالية إلى الكثافة المأهولة تساوي 1: 1، فضلًا عن ارتفاع الكثافة البنائية بها. بالتالي فالأولوية هي ضم مدينة العبور الجديدة (تحت اختصاص هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة)، والتي لديها آلاف الأراضي الصحراوية غير المستغلة، مع سرعة وفاعلية إدارة استخدام الأراضي بها لحماية الأراضي الزراعية وتخفيف الكثافة البنائية.

المجموعة الثانية: التكثيف والنمو السكاني تحويل/ التكيف

محافظات الدلتا الأربع تلك لديها نسبة منخفضة من الكثافة الإجمالية إلى الكثافة المأهولة (القليل من أو عدم وجود أراضٍ صحراوية شاغرة)، كثافة بنائية منخفضة إلى متوسطة (أقل من 25,000 نسمة لكل كيلومتر مربع) وخطر ارتفاع مستوى سطح البحر. ولذلك فالأولوية هي تحديد المناطق المهددة مع عدم تشجيع النمو السكاني هناك وتحويله إلى المناطق المجاورة ذات الكثافة المتوسطة والتي يمكن تكثيفها، في حين يتم وضع إستراتيجيات للتكيف مع ارتفاع مستوى سطح البحر وتحذيرات التسونامي وخطط الإخلاء. على المدى المتوسط والطويل، معظم هذه المحافظات تحتاج إلى خطة لتحويل النمو السكاني إلى محافظات أخرى من أجل منع التوسع العمراني على الأراضي الزراعية أو في المناطق التي بها خطر ارتفاع مستوى سطح البحر.

المجموعة الثالثة: التكثيف: إدارة النمو السكاني وإدارة استخدام الأراضي 

المحافظتان الحضريتان والساحليتان بالدلتا نسبة الكثافة الإجمالية إلى الكثافة المأهولة بهما  كبيرة، والكثافة البنائية منخفضة. ومع ذلك فهناك مدن ساحلية ذات كثافات عالية مما يتطلب حث وتشجيع النمو السكاني وتوجيهه إلى المناطق منخفضة الكثافة المتاحة داخل تلك المحافظات وتكثيفها، و/أو تخطيط إستراتيجيات التكيف مع خطر ارتفاع مستوى سطح البحر بما في ذلك تحذيرات التسونامي وخطط الإخلاء. كما أن تلك المحافظات لديها ما يكفي من الأراضي الصحراوية الشاغرة حيث يمكن إدارة استخدام الأراضي بها والسماح لنمو سكاني قصير ومتوسط الأجل، وعلى المدى الطويل يمكن توسيع مساحة المحافظتين على حساب المحافظات الصحراوية المجاورة لاستيعاب النمو السكاني.

المجموعة الرابعة: التكثيف و إدارة استخدام الأراضي 

الاثنتا عشرة محافظة بوادي النيل والدلتا لديهم كثافة بنائية أقل من 15,000 شخص في الكيلومتر المربع الواحد، وأراضٍ صحراوية شاغرة أو غير مستغلة. لذالك سيكون من الكفاءة تكثيف المناطق المبنية القائمة، مع التخطيط وتنفيذ توسع عمراني أفقي للنمو الحضري على المدى القريب قبل خروج الكثافات البنائية عن السيطرة أو تهديد الأراضي الزراعية بالتوسع العمراني.

المجموعة الخامسة: إدارة استخدام الأراضي 

هذه المحافظات العشر تمثل محافظات في وادي النيل والصحراء لديهم كثافات بنائية إما عالية جدًّا وإما منخفضة جدًّا ، بينما في نفس الوقت لديهم الكثير من الأراضي الصحراوية شاغرة. بناءً على ذلك فمن غير المستحسن تكثيفهم: فإما بالفعل لديهم كثافه عالية جدًّا (أكثر من 25,000 نسمة لكل كيلومتر مربع)، وإما لديهم كثافة منخفضة بسبب السياقات الثقافية والجغرافية. وهكذا، فالاحتياج إلى التخطيط الجيد لإدارة استخدام الأراضي، من ناحية لتخفيف الكثافات العالية جدًّا وعلى صعيد آخر لتقديم خدمة أفضل إلى المجتمعات ذات الكثافات المنخفضة بشدة.

 

جدول 3  الإستراتيجيات الحضرية الموصى بها لكل محافظة

المنطقة المحافظة نسبه الكثافة الإجمالية: االكثافة المأهولة Built-up Area Density (Pax/km2) Land locked خطورة ارتفاع سطح البحر التدخل الموصى به
Short-term Medium-term Long-term
دلتا القليوبية 1 21,935.20 توسيع/  إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
دلتا الغربية 1 18,650.30 نعم نعم نكثيف /تحويل / تكييف تحويل تحويل
دلتا الدقهلية 1 12,295.60 نعم نعم نكثيف /تحويل / تكييف تحويل تحويل
دلتا كفر الشيخ 1.2 7,402.30 نعم نعم نكثيف /تحويل / تكييف تحويل تحويل
دلتا دمياط 1.4 11,852.70 نعم نعم نكثيف /تحويل / تكييف تحويل تحويل
دلتا المنوفية 1 4,759.00 إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي توسيع إدارة استخدام الأراضي
دلتا الشرقية 1.1 9,476.00

 

إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي توسيع إدارة استخدام الأراضي
دلتا الإسكندرية 1.4 12,394.20 نعم إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي توسيع إدارة استخدام الأراضي
دلتا البحيرة 1.6 5,806.80 نعم إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي LUM توسيع
دلتا بورسعيد 2.2 1,624.30 نعم إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
صحراء الإسماعيلية 2.3 3,372.40 إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
الوادي لقاهرة 3.6 13,643.30 إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
الوادي الجيزة 5.8 14,914.30 إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
الوادي سوهاج 6.9 5,900.90 إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
الوادي قنا 6.9 12,450.80 إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
الوادي بنى سويف 8.3 14,521.00 إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
الوادي أسوان 62.4 4,184.40 إدارة استخدام الأراضي /  إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
الوادي الفيوم 3.3 30,843.80 إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
الوادي الأقصر 3.7 20,837.40 إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
صحراء السويس 15.2 25,392.20 إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
الوادي المنيا 15.2 18,541.10 إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
الوادي أسيوط 16.6 18,298.70 إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
صحراء مطروح 42.5 150.4 إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
صحراء شمال سيناء 46.4 1,451.00 إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
صحراء جنوب سيناء 127.5 677 إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
صحراء الوادي الجديد 1,029.70 5,235.30 إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي
صحراء البحر الاحمر 1,675.10 4,907.00 إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي إدارة استخدام الأراضي

 

المراجع

إبراهيم, مجدى عبد القادر. دور المدن الجديدة فى إعادة التوزيع الجغرافى للسكان. المعهد القومى للتخطيط, 2011.

الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء. التعداد العام للسكان وظروف السكن 2006., 2008.

—. “كتاب الإحصاء السنوى.” 2012.

—. بحث الدخل والاستهلاك والانفاق, المجلد الثانى: خصائص الاسر. القاهرة: الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء, 2014.

—. مصر فى ارقام. الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء , 2016.

الهيئة العامة للتخطيط العمراني. خريطة التنمية والتعمير لجمهورية مصر العربية 2017. 06, 1998. (تاريخ الوصول 10 02, 2016).

—. خطة تنمية محافظة القاهرة والجيزة والقليوبية. القاهرة: الهيئة العامة للتخطيط العمراني، 2005.

—. استراتيجية التنمية لمحافظات الجمهورية: اقليم قناة السويس. القاهرة: الهيئة العامة للتخطيط العمراني, 2008.

—. المخطط الاستراتيجى القومى للتنمية العمرانية01, 2014.  (تاريخ الوصول 10 02, 2016).

—. خريطة الفقر لإقليم اسيوط وجنوب الصعيد. القاهرة: الهيئة العامة للتخطيط العمراني, 2015.

—. خريطة الفقر لإقليم الاسكندرية. القاهرة: الهيئة العامة للتخطيط العمراني2015.

—. خريطة الفقر لإقليم الدلتا. القاهرة: الهيئة العامة للتخطيط العمراني, 2015.

—. خريطة الفقر لإقليم شمال الصعيد. القاهرة: الهيئة العامة للتخطيط العمراني, 2015.

عبدالناصر، جمال. “خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى بورسعيد فى ذكرى يوم النصر.” أرشيف الرئيس جمال عبد الناصر. 23 ديسمبر, 1958. (تاريخ الوصول 10 08, 2016).

جمال, وائل. توشكي نموذج لسياسة مبارك الاقتصادية، في أوراق اشتراكية. 2006. (accessed 4 9, 2013).

راجح, أبو زيد. العمران المصري. 2008.

شوكت, يحيي. العدالة الاجتماعية والعمران, خريطة مصر. القاهرة: وزاره الاسكان الظل, 2013.

وزارة الاسكان والمرافق والتنمية العمرانية. مشروع قرى الظهير الصحراوي. غير مؤرخ.  (accessed 02 24, 2016).

وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري. استراتيجية التنمية المستدامة, مصر 2030: البعد البيئى. 2016.  (تاريخ الوصول 28 03, 2016).

وزارة الكهرباء والطاقة. الشركة القابضة لكهرباء مصر التقارير السنوية من 2006/07 الى 2014/2015. 2008-2016.

يحيى شوكت، و أميرة خليل. موازنة العمران 2016/2015 | تحليل للعدالة المكانية. القاهرة: عشرة طوبة | الدراسات والتطبيقات العمرانية، 2016.

Morse, Anne Roback, and Steven W. Mosher. Debunking the Myth of Overpopulation. 9 30, 2013.  (accessed 5 24, 2016).

Boyko, Chris. Misunderstanding density: why we are building the wrong sort of cities. 7 29, 2014. (accessed 4 24, 2016).

Chapman, Jae. Define High Population Density. n.d.(accessed 4 24, 2016).

Cities for livable cities: Urban Land Institute. 10 Principles for Liveable High Density Cities: Lessons from Singapore. 2013.

Deputy, Emmarie. Designed to deceive : President Hosni Mubarak’s Toshka project. 2011.

Fecteau, Andre. On Toshka New Valley’s mega-failure2012. (accessed 3 23, 2016).

Hendawy, Mennatullah. “Connecting Urban Policy Making and Implementation, case of Maspero, Cairo.” IUSD, 2015.

Lennard, Suzanne H. Crowhurst. The High Density Livability Question. n.d.  (accessed 4 24, 2016).

Mitchell, Timothy. Rule of Experts: Egypt, Techno-Politics, Modernity. Berkley CA: University of California Press, 2002.

—. “Foreword.” In Egypt’s Desert Dreams: Development or Disaster?, by David Sims. Cairo: American University in Cairo Press, 2014.

Patel, Shirish B. “Analyzing urban layouts – can high density be achieved with good living conditions?” ENVIRONMENT & URBANIZATION -International Institute for Environment and Development (IIED) 23, no. 2 (2011): 583–595.

Sims, David. Egypt’s Desert Dreams. Cairo and New York: The American University in Cairo press, 2014.

Sowers, Jeannie. “Remapping the Nation Critiquing the State. Environmental narratives and Desert Land Reclamation in Egypt.” In Environmental Imaginaries of the middle East and North Africa, by Diana K. Davis and Edmund Burke III . Athens: Ohio: Ohio University Press, 2011.

Wahdan, Dalia. “Planning Egypt’s New Settlements: The Politics of Spatial Inequities.” Cairo Papers, April 2013.

—. “Socio-technical Comparison of Unequal Urban Mass-transit Systems in Gurgaon (India) and Sitta October (Egypt).” December 2007.

World Bank. “Reshaping Egypt’s economic geography : domestic integration as a development platform : Main report.” World Bank. 2012.  (accessed 04 26, 2016).

الملاحظات

[1] للمزيد عن الاقتصاد السياسي للزيادة الرقعة المأهولة لمقاومة ازدحام الوادي يمكن الاطلاع على (Mitchell 2002, 212-213), (Mitchell 2014, xix) و (Sowers 2011).

[2] (World Bank 2012)

[3]انظر انظر (شوكت و خليل، موازنة العمران 2016/2015 | تحليل للعدالة المكانية 2016)

[4] (Sims 2014, 37)

[5] (عبدالناصر، خطاب الرئيس جمال عبد الناصر فى بورسعيد فى ذكرى يوم النصر 1958)

[6] (Wahdan 2013)

[7] (السادات، 1974، ص 77)

[8] [8]  (الهيئة العامة للتخطيط العمراني 1998، 115)

[9] (وزارة الاسكان والمرافق والتنمية العمرانية غير مؤرخ)

[10] (الهيئة العامة للتخطيط العمراني ، 2014)

[11] (وزارة التخطيط والمتابعة والإصلاح الإداري 2016، 188-190)

[12]  في الخمسينات كانت   نسبه المساحة المأهولة (الحيز المعمور) حوالي ٣ في الميه من مساحه مصر الكلية، بينما في ٢٠١٦ فهي ٤.٨ في الميه  (انظر شكل 8)

[13] (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2016)

[14] (Sims 2014, 38)

[15] (Fecteau 2012)

[16] (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2008)

[17] انظر الجزء 2.2

[18]  (وزارة الاسكان والمرافق والتنمية العمرانية غير مؤرخ)

[19] الأشباح تسكن قرية الظهير الصحراوي بالمحاميد”، الأهرام، 19.05.2011 http://www.masress.com/ahram/78864

[20]“قرى المنيا النموذجية.. بيوت أشباح”، المصري اليوم، 13.07.2016 http://www.almasryalyoum.com/news/details/978421

[21]“«المحاسبات»: إهدار 500 مليون جنيه فى «الظهير الصحراوى»” ، المصرى اليوم، 23.03.2015 http://www.almasryalyoum.com/news/details/687309

[22] لمتابعة عدد من التقارير الصحفية عن ظاهرة قرى الأشباح زوروا أرشيف العمران، رسم قرى_ظهير_صحراوي https://www.diigo.com/user/arshifalomran/%D9%82%D8%B1%D9%89_%D8%B8%D9%87%D9%8A%D8%B1_%D8%B5%D8%AD%D8%B1%D8%A7%D9%88%D9%89

[23] يظهر التعداد السكاني لعام 2006 لمدينة توشكى الجديدة في أسوان أن 2,655 شخص فقط يعيشون بها كلهم في مساكن عامة (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، 2008).

[24] (الهيئة العامة للتخطيط العمراني، 1998، ص. m-2)

[25] أشارت تصريحات كل المسؤولين تقريبا عن فرص العمل التي يوفرها مشروع توشكي إلى نسبة فرصة وظيفية واحدة لكل فدان. انظر، على سبيل المثال، (الأهرام. الرئيس يتفقد مشروع توشكي ويعطي إشارة بدء العمل في محطة مبارك العملاقة لرفع المياه. 3 3, 2005. http://www.ahram.org.eg/Archive/2005/3/3/FRON3.HTM  (تاريخ الوصول 30 3, 2016))

[26]  علن وزير الزراعة مؤخرا عن خطة لاستصلاح 200,000 فدان وتوطين مليون شخص، وهذا يعني نسبة خمسة أشخاص لكل فدان أو أسرة نموذجية واحدة (عالم الزراعة، 2012)

[27] (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2008)

[28] تم تدريس هذه المعايير التخطيطية لطلاب العمارة بجامعة القاهرة.

[29]  (Sims 2014, 111)

[30]  للاطلاع على بحث بخصوص السياسة التي تسببت قي فشل توشكى، انظر (Deputy 2011)

[31] (الهيئة العامة للتخطيط العمراني ، 1998، ص. 115-116)

[32]  ( شوكت 2013)

[33] (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء 2014)

[34] (Wahdan 2007)

35  (Lennard n.d., Cities for livable cities: Urban Land Institute 2013)

[35] ( Morse and Mosher 2013)

[36] (Patel 2011)

[37] (Boyko 2014)

[38] نائب وزير الإسكان و مدير في هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة ادعي ان الوكالة المسؤولة عن المدن الجديدة لتقترض من بنك الاستثمار القومي منذ عام 2008 (صدي البلد . نائب وزير الإسكان: توقفنا عن الاقتراض من الاستثمار القوميمن 2008.. وعوائد التسويات 3 مليارات جنيه. 09 15, 2015. http://www.elbalad.news/1706979 (accessed 07 21, 2016)) ، مشيرا إلى ان هيئة المجتمعات العمرانية الجديد تربح أو على الأقل تغطي تكاليفها .

[39]   الهيئة العامة لمشروعات استصلاح و تنمية الزراعية، الجهة المسؤولة عن تنفيذ مشاريع استصلاح الأراضي في مصر وبيع الأراضي تدين جنيه ب33 مليار دولار لبنك الاستثمار القومي، وشركات الكهرباء ومختلف الجهات الحكومية الأخرى المال. التنمية الزراعيةتسعى لإسقاط 33 مليار جنيه مديونية متراكمة. 03 19, 2016. http://www.almalnews.com/Pages/StoryDetails.aspx?ID=275277 (accessed 07 21, 2016) )

 [40]  وتشمل هذه التدخلات:

إدارة استخدام الأراضي: (إعادة ) تخطط الاستخدام الحالي للأراضي الشاغرة أو ذات الكثافات المنخفضة الكثافة لاستيعاب النمو السكاني .

التكثيف : التوسع الرأسي و / أو استخدام الوحدات السكنية الشاغرة.

التوسعة: توسيع الحدود الإدارية للمحافظة المتاخمة لمحافظات صحراوية ذات  أراضي شاغرة فائضة.

[41]  (الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء ، 2006)

[42] (وزارة الكهرباء والطاقة 2008-2016)

Stay Updated with our Newsletter

اشترك بالقائمة البريدية لتحصل على آخر التحديثات