- نُشرت في 14 أكتوبر 2024
المحتويات
لماذا انتشر التوك توك إلى هذا الحد؟
حالات عالمية نجحت في التعامل مع التوك توك
دراسة حالة نجحت في التعامل مع التوك توك في مصر
إضغط هنا لتحميل المقال بي دي أف
بينما تزداد المناشدات لمنعه، تعتمد ملايين الأسر على التوك توك كوسيلة تنقل “الميل الأخير”، ليسد فجوة تنقلية مهمة على المستوى المحلي. فهل من طرق لضبطه وجعله وسيلة تنقل أكثر آدمية؟[1]
المقدمة
بلغ عدد التكاتك في مصر وفقًا لتقدير رابطة مالكي التوك توك في عام 2021 5.4 مليون توك توك بينما تشير الإحصاءات الرسمية وفقًا لرئاسة مجلس الوزراء إلى أنه في منتصف 2021 كان هناك حوالي 2.5 مليون توك توك، [2] بلغ عدد المرخص منها تقريبًا 219,900 في عام 2022.[3] وبينما يمثل هذا العدد بالنسبة إلى الحكومة فرصة مهدرة كمورد ضريبي خارج المنظومة الرسمية، بالإضافة إلى كونه خارج سلطتها الرقابية أو القدرة على ضبطه في حالة وقوع حادث أو جريمة حيث إن النسبة الأكبر منه مُجهلة بدون لوحة أرقام أو أوراق ثبوتية يمكن الوصول من خلالها إلى مرتكب الحادثة. لهذه الأسباب وأكثر قامت الحكومة بإصدار عدة قرارات منها ما كان بغرض منع استيراده لتقليص المعروض منه في السوق أو إحلاله واستبدال به سيارات ميني فان أو تصنيع سيارات مشابهة له من حيث الحجم من جهة أخرى.[4] وعلى الرغم من ذلك ظل التوك توك منتشرًا وزادت أعداده أكثر وأكثر، فلماذا انتشر التوك توك إلى هذا الحد وهل منعه من التواجد في الشارع أو استبدال به وسيلة أخرى هو الحل خاصة بالنسبة إلى السكان؟
لماذا انتشر التوك توك إلى هذا الحد؟
قد نلاحظ التندر العام وأحيانًا السخرية من التوك توك إذا كنت من غير مستخدميه، متمنيًا أن يختفى تمامًا، ولكن هل تسألنا ما هو الاحتياج الوظيفي وراء هذا الانتشاء الهائل به كوسيلة انتقال؟ للإجابة على ذلك اعتمدت هذه الدراسة على التجربة الشخصية من جهة، والتعرض للتجارب الأخرى بالنقاش غير المنتظم أو السؤال المباشر بالإضافة إلى ما تم نشره من مادة إعلامية تعرِض آراء الجمهور وما تناولته الأبحاث السابقة. وتوضح الدراسة مميزات التوك توك كعنصر وظيفي بيني وأحيانًا أساسي مهم في هيكل نُظم النقل والمواصلات على الرغم من عيوبه ومشاكله المختلفة بالنسبة إلى السكان كمحاولة لاستيعاب اختلاف السياقات العمرانية أو النطاقات الجغرافية التى انتشر فيها.
مميزات التوك توك
عندما تغيب جميع وسائل النقل فلا تجد إلا التوك توك (الإتاحة وسهولة الوصول)
من الناحية المكانية، يعتبر التوك توك وسيلة متوفرة معظم الاوقات ويمكنها الوصول إلى نطاقات جغرافية اما بعيدة لا تتوفر بها شبكة نقل عام كالاتوبيسات أو مترو الانفاق أو ذات سمات عمرانية لا تسمح بوجود وسائل النقل الاخرى مثل الميكروباص أو التاكسى حيث الشوارع اما ضيقة أو غير ممهدة أو كلاهما كما هو الحال في المناطق المحرومة “غيرالمخططة” أو القرى.
شكل 1 يوضح إنطلاق وتوجه التوك توك إلى محطات تجمع مرتبطة بشبكة نقل ومواصلات عامة في منطقة أرض اللواء. الباحثة.
بالإضافة إلى ذلك يعمل التوك توك كحلقة وصل تنقل الركاب على طول مسار رحلات متعددة الوسائل حيث تجده متمركزًا حول محطات المترو أو متخذًا مسارات مرتبطة بشبكة شوارع معينة تربط محطات توقف وانتظار جماعي خاصة به وذات صلة بأقرب محطة أتوبيس نقل عام أو سُلَّم مشاة أو موقف ميكروباص[5] كما هو موضح في شكل (1). ويصبح غياب التوك توك في هذه الحالة مشكلة خاصة مع مسافات السير الكبيرة والشوارع غير المجهزة لحركة المشاة خاصة في نظام الحركة بين الشوارع الداخلية والوصول من الباب للباب كما هو موضح في شكل (2).
شكل2 يوضح حركة التوك توك في الشوارع الداخلية حيث إتاحة الوصول من الباب للباب في منطقة أرض اللواء. الباحثة.
وللمفارقة وعلى الرغم من إتاحة البيئة العمرانية في المدن الجديدة، حيث شوارع معبدة وذات عروض مناسبة لاستقبال وسائل مثل التاكسي أو السيارات الخاصة المتاحة على تطبيقات الهاتف فإنها ذات تكلفة تشغيل أعلى وانتشار أقل مقارنة بالتوك توك، متأثرة بالطلب الضعيف والناتج من كثافة سكانية أقل وامتلاك سيارات خاصة أكثر وبالتالي أصبح التوك توك حلًّا أقرب إلى السكان غير مستخدمي/مالكي السيارت ويقدم بديلًا أوفر وأسرع في الوصول والانتقال. وتتجه أجهزة المدن الجديدة إلى منع سيره باعتباره -وفقًا لتصريح المسؤولين- لا يليق “بالطابع الحضاري” وارتباطه بالمناطق “العشوائية”،[6] ولكن يعاود التوك توك الظهور في بعضها كما توضح هذه الصورة في شكل (3). وحسب بض سكان “حدائق الأهرام” عن أثر قرار منع التوك توك في كمثال على تطبيق سياسة صارمة بمنع سيره واستبدال به سيارات خاصة أو مينى فان، فبعد اختبارهم عامين لهذه البدائل لم تكن تكلفة الرحلة مناسبة “بالنسبة إليهم” مقارنة بالتوك توك ولم تأتِ بميزة إتاحتها من الباب للباب مثله. ولا تختلف المدن الجديدة كثيرًا عن المناطق غير المخططة من حيث التغطية الضعيفة لشبكة النقل العام، ومع محاولة شبكات النقل الجماعي الخاصة، مثل الميكروباص أو المينى باص في سد هذه الفجوة، يواجه السكان أو الزائرون للعمل أو الدراسة صعوبة في التمشية، إما بسبب المسافات الطويلة بين محطات الانتقال وإما لصعوبة المشي في المسارات غير المظللة نهارًا أو غير المأهولة ليلًا.
شكل 3 انحسار التوك توك بعيدًا نسبيًّا عن المحاور الرئيسية في 6 أكتوبر رغم منع سيره في المدينة. الباحثة.
وتضيف القرية بعدًا آخر على مستوى الحياة الاجتماعية حيث يستخدم التوك توك بكثافة على مستوى الرحلات القصيرة أو الطويلة في الزيارات العائلية أو المناسبات. وبخلاف وجوده كبديل للعديد من وسائل النقل الغائبة وعمله في بيئة خدمية فقيرة تصبح فيها المدرسة والمستشفى بعيدة عن النسبة الأكبر من سكان القرية فإنه ساهم في جعلهما وغيرها أكثر إتاحة من حيث وجوده كوسيلة انتقال يشبه أوبر وغيره، يمكن طلبه مباشرة عبر الاتصال بالسائق المعروف للعائلة.
مشاكل التوك توك
سلوكيات سائقين أم ضعف نظم الإدارة والرقابة
يشغل السياسات الرسمية عند التعامل مع التوك توك حل مشاكل مثل: “مظهره غير الحضاري” خاصة مع ظهوره في المدن الجديدة، وحديثًا أضيفت قضية ضرورة عمله بالطاقة النظيفة واستبدال به سيارات تعمل بالغاز الطبيعي. الأمر مختلف بالنسبة إلى جمهور المستخدمين، فعلى الرغم من إصدار القوانين اللازمة لترخيصة،[7] ما زالت النسبة الأكبر غير مرخصة، بل إن العدد المرخص منها يتناقص،[8] ما يجعل الراكب يستعمل مركبة لا يمكنه تعريفها أو الوصول إليها في حالة الخطر. وقد أدت حالة السيولة التي عمل فيها التوك توك بعيدًا عن التنظيمات الرسمية التي تضمن سلامة المركبة واختبار السائق وأهليته للقيادة – إلى تزايد الحوادث التي وصل بعضها إلى الاختطاف أو السرقة أو القتل في محافظات مختلفة،[9] مع غياب وسيلة للوصول إلى سائق التوك توك.
مع ضعف الإقبال على الترخيص ظهرت مبادرات محلية تبنَّتها لاحقًا بعض أجهزة الإدارة المحلية أو أقسام الشرطة بوضع نظام ترقيم داخلي وفقًا لكل منطقة، مثل: جنوب الجيزة،[10] وإمبابة، أو بعض مدن محافظات الأقاليم، كالغربية والمنوفية[11] وغيرها، ولكن لم ينعكس هذا الترقيم على تحسين طريقة عمل التوك توك كتجربة يومية متكررة لمستخدم يحتاج إلى: 1) وجود تعريفة ركوب عادلة، فقد اتسمت رحلات التوك توك بارتفاع تكلفتها في هذه المناطق، واتباع السائقين لنظام تقسيم داخلي للمسار يضمن أقصر مسافة وأعلى اجرة، 2) تحديد مسارات آمنة مع سائقين حاصلين على رخصة قيادة حيث يعتبر التوك توك من الوسائل غير الآمنة خاصة للسيدات في حالة المرور في مسارات غير مأهولة بالعمران ولا تخضع لرقابة شعبية من المارة. 3) تنظيم محطات خاصة به مرتبطة بوسائل النقل العام مع وجود رقابة مرورية ومسارات تحترم ولا تختلط بحركة المشاة.
وإذا اعتبرنا تجربة الترقيم هي الحل الوسط المتاح لتعريف المركبة على الأقل بالنسبة إلى الجهات الرسمية فإنها لا تعني كثيرًا بالنسبة إلى الركاب، حيث لا تتيح إمكانية تسجيل مخالفات أسوة بالمركبات الأخرى، ما يجعله في منافسة غير عادلة معها من جهة، ومن جهة أخرى لا يمكننا الرجوع إلى معايير لضبط وتحسين أدائه ما يمكِّن تطويره في ادله أو نظام تحديد مخالفات خاصة به. ولكن يتصاعد هذا التحدي مع ضعف التغطية المرورية المقتصرة عادة على قلب المدن وفي المناطق الرسمية حيث تتوفر البنية التحتية اللازمة للرصد والرقابة.
حالات عالمية نجحت في التعامل مع التوك توك
ينتشر التوك توك في عديد من البلدان المعروفة بدول الجنوب العالمي في آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية والهند والفلبين وتنزانيا وكينيا وكومبيديا وغيرها. وبينما تختلف أسماؤه فيما بينها، مثل: أوتوريكاشو في الهند أو تريسيكل في الفلبين أو بجاج في تنزانيا أو توك توك كما هو الحال في مصر وتايلاند وكينيا، وغيرها من الأسماء، فإن طبيعة استخدامه كمواصلة تستخدم في المسافات القصيرة، يمكنها تخلل المناطق العمرانية المزدحمة أو تغطية المناطق النائية أو تلك التى لا تغطيها شبكة النقل العام، بقيت سمة مشتركه بينها. وبالنظر إلى الهند، التي استوردت مصر منها التوك توك[12]، فيعد من وسائل النقل المنتشرة والشائعة فيها، وقد مرت بمحاولات كثيرة لتحسين أوضاعها بداية من الاعتراف به ضمن مجموعة من وسائل المواصلات العامة غير الرسمية في قانون المرور لسنة 1988، حتى امتد الاهتمام به عبر تبني مفهومًا وسياسة “وسائل النقل الوسيطة – Intermediate Public Transport” كواحدة من وسائل النقل التي ظهرت مع زيادة الطلب على المواصلات والتنقل المصحوب بزيادة سكانية والذي لعبت فيه هذه الوسائل دورًا حيويًّا في سد الفجوات الموجودة في نظام النقل العام. ويبقى التحدي وفقًا لدراسة اهتمت بتقييم هذا القطاع لا يتعلق الأمر فقط بالتركيز في تنظيم وسيلة نقل محددة ولكن التخطيط لوسائل النقل بشكل عام وشامل[13].
على مستوى الحلول التي اتبعتها الهند وأخرى في الفلبين للتعامل مع التحديات المتعلقة بالأوتوريكاشو (التوك توك)، فإنه بداية يمكن اختصار هذه التحديات مع توضيح التدخلات المختلفة وفقًا لقضايا عامة تتشابه مع ما تمر به الحالة المصرية في هذا الملحق حيث تناولت: 1) تعزيز سلامة الركاب من النساء، و2) تحسين القواعد والنواحى التنظيمية، 3) دعم الاستدامة البيئية، 4) تحسين السياسات ، معتمدة على أمثلة من مدن وولايات مختلفة والتي تعبر عن أفضل الممارسات في هذا الشأن.[14]
وقد أبرزت هذه الحالات مدى التماس بين التجربة الهندية والحالة المصرية من حيث القضايا والتحديات المثارة، وعلى الرغم من أن قضية المظهر الحضاري لم تكن ضمن أولويات الحالة الهندية كما هو شائع في مصر حيث تم الاعتراف بـ التوك توك ضمن مجموعة وسائل النقل الوسيطة التي حازت اهتمامًا كبيرًا وفقًا لما تم رصده من تقارير ودراسات متعددة. كما تمتع التوك توك باحتضان مبادرات متعددة له سواء من خلال حكومات الولايات المختلفة أو من قبل المجتمع المدني بالإضافة إلى البنوك وشركات القطاع الخاص ورواد الأعمال. واعتمدت هذه المبادرات والمشروعات بشكل أساسي على تعظيم دور الشركاء وإدماجهم في وضع الحلول وفقًا للموارد والتسهيلات المتاحة لدى كل طرف. ومن جانب آخر ساهم وجود نظام إدارة محلية يتضمن منهجيات وأدوات للتعامل مع التوك توك في تحسين أوضاعه التنظيمية بجانب أهمية دور الجهات الرقابية والنقابات المهنية.
دراسة حالة نجحت في التعامل مع التوك توك في مصر
بالبحث عن نموذج أكثر نجاحًا من سياسة “ترقيم التوك توك” المعتمدة بشكل شبه رسمى في بعض المناطق، نجد أن مدينة الجونة كإحدى المدن المصرية المنشأة حديثًا قدمت نموذجًا ناجحًا في وضع التوك توك ضمن وسائل النقل في المدينة، بل على عكس الشائع أصبح وسيلة ترويج للمدينة كما يتضح في شكل (4). ويتسم التوك توك في الجونة بعدد من العناصر منها:[15]
- ألوانه المبهجة ليبدو بشكل أفضل مع طابع المدينة العام.
- يحمل قائد التوك توك رخصة قيادة.
- يمكن طلبه ويتم تحديد سعر الرحلة مسبقًا من خلال تطبيق على الموبايل.
- بالإضافة إلى اعتبارات الأمن والسلامة، حيث يمنع الجلوس بجوار السائق، كما لا تتخطى السرعة 40 كم/ساعة.
شكل 4 أحد زوار مدينة الجونة أثناء التقاط صورة مع التوك توك باعتباره عنصرًا مميزًا. أحمد طارق (مايسترو)
التوصيات المقترحة
لا بديل من دخول التوك توك ضمن المنظومة الرسمية، كما أنه من المهم وجود بدائل له تساعد في تعزيز التنافس لصالح المستخدم أو الراكب، ولكن الكيفية والضوابط اللازمة تحتاج إلى مراجعة ما تم بالفعل لمعرفة جدواه وما لاقى من تحديات، أو تجنب مخاطر متوقعة من اختفاء التوك توك بالكامل كعنصر فعال في منظومة التنقل أو إخراج العاملين المباشرين وغير المباشرين على التوك توك من منظومة القوة العمالية -رغم مشاكلهم- حيث استطاع توفير فرصة عمل أساسية أو إضافية إلى الكثيرين منهم[16].
يتسع المجال للعديد من التوصيات ولكن نقترح هنا الالتفاف والاتفاق على مبادئ أو توجهات عامة. فمن ناحية السياسات والتوجهات الإستراتيجية، لا بد من تبني مفهومًا أوسع يتخطى استهداف وسيلة نقل محددة، نحو تبني سياسة تعزيز سهولة الوصول والحركة “للميل الأخير” وهي المسافة القصيرة المقطوعة من نقطة بداية الرحلة التي تمثل المنزل أو نقطة خدمة معينة نحو أقرب محطة نقل عام والعكس صحيح، بحيث يتم تطبيقها بشكل عادل على مستوى المناطق والنطاقات الجغرافية كافة. ومن الناحية التنظيمية وبينما تواجه السياسات الحكومية الحالية تجاه التوك توك عديدًا من الفجوات المتعلقة بالغرض منها وآليات تنفيذها ينبغي الانفتاح أكثر على إشراك مزيد من الأطراف الفعالة على الطاولة، سواء من المجتمع المدني والمؤسسات التنموية أو من شركات القطاع الخاص والبنوك كشركاء داعمين من جهة، ومن جهة أخرى لا بد من الاهتمام بتطوير هيكل الإدارة المحلية وتعزيز الأدوار والمهام لمزيد من الممثلين للوزارات المعنية المختلفة كشركاء تنفيذيين أو مراقبين ومتابعين.
فى هذه الحالة، يمكن رصد منظومة بينية لارسمية أو شبه رسمية أوسع من وسائل النقل الجماعي يتمتع بعضها بالفعل بعمليات تنظيم أفضل من التوك توك، مثل الميكروباص أو الميني فان -الموجود في قلب المدينة العمراني أو في المدن الجديدة- ولكن هناك أيضًا وسائل أخرى يعتبر التوك توك نفسه أفضل منها، مثل الميكروباصات المتهالكة التي تعمل على هامش المدينة أو في القرى بالإضافة إلى سيارات النصف نقل التي تحول الجزء الخلفي منها إلى مقاعد جلوس وتحميل جماعي. وبتبني هذه المفاهيم سنتمكن من اختبار حلولًا نقترحها هنا، كثير منها مبني على تجارب دول أخرى (انظر الملحق رقم 1 لقراءة التجارب بالتفصيل):
أولًا، على المدى القصير
1) تدشين تطبيق رقمي على المستويات المحلية (المدن أو المراكز) يضم مركبات التوك توك التي يشترط ترخيصها وترخيص سائقيها أولًا للانضمام، مع تسهيل الإجراءات مع الجهات الحكومية المعنية التي يمكن لها أن تحدد أعداد المركبات في كل نطاق إداري (قرية، حي، مدينة، مركز).
2) تضمين عناصر في التطبيق تضمن تحقيق الأمان أثناء الرحلة وتحديد تكلفة رحلة عادلة للراكب.
3) تشجيع تشكيل النقابات والروابط المهنية للعاملين، اللازمة للتفاوض ودعم عمليات بناء الثقة المفقودة في عديد من السياسات التى تستهدف الاقتصاد اللارسمية.
4) عقد شراكات مع المجتمع المدني والقطاع الخاص تساهم في تقديم حوافز، مثل: وجود تأمين اجتماعي وصحي للسائقين.
5) الاستثمار في البنية التحتية، مثل: وجود محطات انتظار مرتبطة بالتطبيق وتحسين المظهر العام للمركبة لإخراجها بشكل مميز على مستوى الشكل ونظام التشغيل معًا.
ثانيًا، على المدى المتوسط
- سرعة تمرير قانون المحليات الجديد لإعادة تفعيل دور المجالس الشعبية المحلية كوسيط للمتابعة وطرح المشاكل وتحسين الإجراءات على الأرض.
- وضع إستراتيجية قومية لتطوير التنقل العام وتضمين التوك توك فيها مع تطوير المركبة على غرار وسائل التنقل الأخرى المملوكة للقطاع الخاص (الميكروباص، الميني باص، التاكسي).
- تحفيز تحويل المركبات القائمة إلى الغاز الطبيعي مع توسيع شبكة المحطات وتقديم إعفاءات ضريبية إليها مع مزيد من التسهيلات والحوافز لسائقيها.
- تحفيز صناعة مركبات بديلة تعمل بالغاز أو الكهرباء مع وضع معايير أعلى للسلامة على الطريق تغطي نطاقات جغرافية تلبي احتياجات الفئات الاجتماعية المختلفة.
الملحق رقم 1: دراسة حالات دولية نجحت في التعامل مع التوك توك
يمكن اختصار التحديات المتعلقة بعمل الاوتوريكاشو[17] فى الهند “التوكتوك” مع الإشارة لتجربة الفلبين، وتوضيح التدخلات المختلفة التى تمت على مستويين. يتناول المستوى الاول قضايا عامة وحلول مختلفة كأفضل الممارسات التى تمت فى الولايات والمدن،[18] ويتناول والمستوى الثانى بإيجاز كيف تطورت الهياكل التنظيمة والإدارية التى تعاملت مع التوكتوك فى ولاية كوليكوتا[19].
اولا: افضل الممارسات وفقا لقضايا رئيسية
1) تعزيز سلامة الركاب من النساء: من خلال تدخلين احدهم في مدينة “نويدا” قائم على إطلاق تطبيق على الهاتف متصل بمركبات توكتوك ذات لون وردى يجعلها مميزة بحيث تكون خاصة بالنساء فقط حيث مزود بخاصية تتبع للمسارات وتحديد الموقع، وتتم مراقبته من قبل الشرطة بالاضافة الى وجود ايقونة يتم الضغط عليها فى حالة الذعر لاستخدامها فى حالات الطوارئ. وقد وفرت الجهات الحكومية المعنية التصاريح اللازمة مع تحديد مسارات معينة يسير بها الاوتوريكاشو. ويعتمد التدخل التانى في ولايتي سورات وجوجارات على دعم السائقات من النساء من خلال حوافز متعلقة بتسهيل الحصول على تراخيص ومنحهن قروض بمعدلات فائدة اقل لشرائه، مستندا على تعزيز عنصر الامان من خلال وجود سائقات اكثر من السيدات.
2) تحسين القواعد والنواحى التنظيمية: ومنها ما كان بهدف دعم الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لسائقى التوكتوك فى ولاية جوجارات من تسجيل علامة تجارية خاصة بالمبادرة بإسم “G-Auto” تعمل على زيادة الطلب على هذه المركبات وتعزيز الأمن المالي لسائقين وتشجيعهم على امتلاكها بالتعاون مع البنوك والعمل مع شبكة واسعة من الاطراف المعنية من ضمنها الشرطة والادارة المحلية للمدينة .بالإضافة الى توفير تدريب وبناءً قدرات للسائقين حول السلوك العام، وإتقان اللغة الإنجليزية، والتنمية الشخصية، والقيادة الآمنة من خلال التعاون مع المنظمات غير الحكومية. حاولت احدى الشركات في مدينة نيوديلهى تقديم حل لمشاكل مثل اختلاف تقدير الاجرة او رفض السائق للرحلة من خلال عمل تطبيق للهواتف الذكية يسمح بطلب التوكتوك ومزود بامكانية تتبع للمركبة وايقونة استدعاء للشرطة فى حالة الخطر.
3) نحو دعم الاستدامة البيئية: قامت مبادرة حكومية فى مدينة احمد اباد بتحويل عربات اوتوريكشو للعمل بالغاز الطبيعى بدل من البنزين من خلال اولا، ضمان كفاية الإمداد بالغاز الطبيعى وانشاء 45 محطة فى المدينة بالشراكه مع القطاع الخاص كما قدمت هيئة مكافحة التلوث حافز ماليا للسائقين مقابل التحويل . اعتمدت احدى المبادرات فى مدينة ألوار التى قادتها الحكومة على تعظيم دور الاطراف المعنية اكثر حيث سعت الى استبدال سيارات الاوتو الملوثة للبيئة باخرى غير ملوثة معتمدا على تعظيم تنافسيتها مع الاخرى بتقديم تسهيلات لتملك المركبة وجعلها الاكثر طلب من الركاب ودعم البنية التحتية من محطات انتظار وارشادات مرورية ودغم السائقين، بتقديم تأمين اجتماعى، وزى رسمى، وتدريبات وإجراء فحوصات طبية، وزيادة فرص الحصول على تصاريح بالتواجد فى مسارات جديدة، وتسهيل الحصول على التراخيص. وتدريجيا طلبت المركبات القديمة الدولفين النظام الجديد لاحقا وبالتالي اصبحت هذه المبادرة نموذج ناجح لفرض القواعد الجديدة مع ترك قوى السوق تعمل بشكل حر، نحو تعزيز فرص الممارسات الافضل للمجتمع.
4) نحو تحسين السياسات: قامت حكومة “بويرتو برينسيسا ” فى الفلبين بتقليص اعداد التوكتوك -التى اخذت فى التزايد نتيجة ارتفاع البطالة بهدف تحسين جودة الهواء من خلال تبنى سياسة 50-50 حيث تقسيم المركبات الى مجموعتين بالترميز الرقمي فى البداية ثم تحول لاحقًا إلى ترميز لوني إحداهما مطلية باللون الأزرق والأخرى مطلية باللون الأبيض، ووفقا لهذا المخطط تعمل المجموعتين في أيام متناوبة من الأسبوع. وبينما نجح هذا المخطط في تقليص عدد الدراجات ثلاثية العجلات التي تسير في شوارع المدينة إلى النصف، كما قلل من تلوث الهواء والضوضاء وعلى الرغم من انها كانت تعمل اربعة ايام فقط فى الاسبوع الا انها كانت تحقق دخل افضل للسائقين وقد تم ملاحظة ذلك خلال الفترة التجريبية التى اقترحها السائقون للموافقة على هذا النظام وهو ما شجعهم للثقة والاستمرار فى المقترح الحكومى.
ثانيا: نموذج لتطور الهيكل التنظيمى والتشريعى المرتبط بالتوكتوك فى مدينة كولكتا
يمكن تتبع عملية تنظيم التوكتوك فى كولكتا عاصمة ولاية البنغال تاريخيا فقد منح ترخيصه فى البداية كسيارة اجرى والذى نص على وَضع تسعيرة ثابتة للرحلة مع عدم تحديد المسار، ولكن بعد ضغط نقابة سيارة الاجرة، تم تغيير النظام حيث لا اسعار ثابتة ولا مسارت محددة مسبقا، مما ادى فى 2004الى اضافة قواعد خاصة بترخيص التوكتوك. من هذه القواعد انه تمنح تراخيص للتوكتوك الذى يعمل فى نطاق مسارات تحددها ادارة الطرق والموصلات وكذلك تحديد تسعيرة ثابتة له من خلال حكومة الولاية لا تعتمد على طول الرحلة. وقد ادى ذلك الى تقييد التصاريح الممنوحة وفرض قيود على المركبات المرخصة، لاحقا فى2010 تم تحديد ستة شروط لمنح أو رفض تصريح، منها انه لا يعمل الا فى القلب العمرانى ولا يستخدم الطرق السريعة الا فى العبور عند نقطة محدة . ظهر بعد ذلك التكاتك الالكترونية التى عرفت باسم “اوتوس” والمندرجة ايضا تحت نظام وسائل النقل الوسيطة، وقد زادت شعبيتها حتى اقر تعديل قانون المركبات لسنة 2015 تنظيمها ومنحها التراخيص وميزها بإعفائها من الضرائب تشجيعا لها كمركبات تحافظ على البيئة كما تم تحديد مسارتها من قبل ادارة الطرق والمواصلات.
وتنظيميا تتولى وزارة النقل فى ولاية بنغال الغربية مسئولية صياغة وتنفيذ سياسات التقل بما فى ذلك ادارة قانون المرور 1988الذى يتولى تطبيقه لاحقا الادارات المحلية المعنية، متدرج حسب المستوى والاختصاص. وتتولى هذه الإدارات مهام مثل تسجيل المركبة ومنح تراخيص القيادة والتصريح بالمسارات المسموح وفقا لكل حى او منطقة، كما تتولى تحصيل الضرائب واعطاء شهادات حماية البيئة من التلوث. وتقر وزارة النقل خريطة المسارات تبعا لعملية تفاعل وتشاور مع لجنة تتألف من ممثلين محليين اما على المستوى السياسى او على مستوى عمليات التشغيل على الارض. وتتخذ هذه اللجنة القرارات المتعلقة باسعار او اجرة المركبة وتحديد المسارات المقترحة لها وحل ما يطرأ من المشكلات. وتتابع وتراقب الشرطة والمرور عمليات التشغيل على الارض حيث التاكد من المستندات، وتحيد المخالفات التى تتم عن طريق تحديد إشعار او انذار، والتى ما إن وصلت الى 50 نقطة فى الشهر يتم استدعاء السائق للتحقيق فى الشكاوى. والتى تشمل انتهاك لقواعد المرور او عدم وجود ترخيص او مشاكل سلوكية مع الركاب. بالتوازى توجد النقابة والاتحادات الممثلة لسائقى التوكتوك حيث تلعب دورا هام فى عقد الاتفاقات والتفاوض سواء بشكل رسمى او لا رسمى.
شكر وعرفان
كتابة: هناء جاد
مراجعة: يحيى شوكت ونادين عبد الرازق
مراجعة لغوية: أحمد الشبيني
* تعبر وجهات النظر المذكورة في هذه الورقة عن آراء كاتبها ولا تعكس بالضرورة وجهات نظر مرصد العمران، أو فريق عملها.
المراجع والملاحظات
[1] تعتبر هذه الدراسة جزءًا من تساؤلات يتم طرحها في رسالة الدكتوراه الجارية للباحثة، متعلقة بالقاهرة كمدينة أكثر إستيعابًا للفوارق وتشمل الجميع، لتطبيق وتوطين معايير المدينة الشمولية Inclusive City”“ مستهدفة التركيز في المناطق غير المخططة و تعزيز الاعتراف بها ضمن إطار عام يدعم الاندماج في المدينة ككل.
[2] “الإحصاءات بتقول إن عدد مليون توك توك بتجري في الشارع”، صحيح مصر، تاريخ غير معروف، رابط: https://saheeh.news/ar/node/2402
[3] نشرة النقل، مصر في أرقام 2022، الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء، مذكور في مقالة “الكار مش كارنا بس ربنا يقدرنا”.. “التوكتوك مؤشرًا للتضخم والبطالة”، يوسف عقيل، المنصة، 24 يوليو 2024، رابط:https://manassa.news/stories/18161
[4] “بعد 14 سنة في شوارع مصر.. كم يكلف استبدال بالتوكتوك الميني فان”، موقع مصراوي، 12 سبتمبر 2019.
[5] يمكن الاطلاع على نموذج رحلة لمواطن من سكان إحدى المناطق غيرالمخططة “المحرومة” أثناء توجهه إلى وسط مدينة القاهرة مستخدمًا التوك توك كوسيلة مكملة/ ميسرة للوصول إلى أقرب منظومة نقل عام/جماعي، كلستر، 2018 في هذا الرابط: https://www.youtube.com/watch?v=iytq_pTCOe4&t=11 s
[6] “منع سير التوك توك بـ«هضبة الأهرام».. هل يموت القرار كما حدث في مدينة ٦ أكتوبر؟”، موقع المؤشر، 15 مايو 2022. https://www.elmuashir.com/10285
[7] مندرجًا تحت القانون رقم 121 لسنة 2008 بتعديل بعض أحكام قانون المرور رقم 66 لسنة 1973.
[8] الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، نشرة المركبات المرخصة (2020 حتى 2022). بلغ عدد المرخص فى عام 2022 : 219,900 وفى عام 2021: 306,917 وفى عام 2020: 274,984
[9] “خطف وسرقة واغتصاب وقتل.. جرائم كلمة السر فيها “التوك توك”، جريدة الوطن، 22 سبتمبر 2020: الرابط
https://www.elwatannews.com/news/details/4984866
[10] “للحد من الحوادث.. قسم الجيزة يطلق مبادرة ترقيم “التوك توك”، جريدة الدستور، 22 أغسطس 2022، الرابط:
https://www.dostor.org/4161489
[11] “ترقيم مركبات “التوك توك” وتحديد التعريفة بـ”5″ جنيهات في مركز السنطة بالغربية”، بوابة الأهرام، 4 إبريل 2024، الرابط:https://gate.ahram.org.eg/News/4759689.aspx
[12] “كيف تتعامل “غبور” أكبر مستورد لـ”التوك توك” في مصر بعد وقف الاستيراد؟”، موقع إيكونومى بلس، 10 نوفمبر 2021، الرابط: https://economyplusme.com/81073/
[13] Ponodath DS, George K, Jacob GS. (2018). An Assessment of the Intermediate Public Transport ( IPT ) Sector in India. Centre for Public Policy Research
[14] Thakur P, Bhatnagar S, Arora S. (2018). Best Practices Related to Intermediate Public Transport System. The Energy and Resources Institute. Link: https://www.switch-asia.eu/site/assets/files/2198/best_practices_related_to_intermediate_public_transport.pdf
[15] “GPS وأبلكيشن“.. 7 اختلافات تميز “توك توك” الجونة عن باقي المحافظات، موقع مصراوي، 8 أكتوبر 2018.
[16] يمكن معرفة مزيد حول ذلك في “الكار مش كارنا بس ربنا يقدرنا”.. التوك توك مؤشرًا للتضخم والبطالة”، يوسف عقيل، المنصة، 24 يوليو 2024، رابط:https://manassa.news/stories/18161
[17] سيتم الإشارة له فى هذا الجزء بإسم التوكتوك لسهولة الربط رغم انه يسمى اوتوريكاشو
[18] Thakur P, Bhatnagar S, Arora S. (2018). Best Practices Related to Intermediate Public Transport System. The Energy and Resources Institute. Link: https://www.switch-asia.eu/site/assets/files/2198/best_practices_related_to_intermediate_public_transport.pdf
[19] Jaiswal, A., Manoj, M., & Tiwari, G. (2024). Exploring India’s Intermediate Public Transport: A Comprehensive Overview. Transportation in Developing Economies, 10(1), 14.