- نُشرت في 26 مايو 2021
شهد سبتمبر 2020 تعديل قانون نزع الملكية للمنفعة العامة،[1] وهو قانون يتيح للحكومة بنزع ملكية العقارات والأراضي من مُلاكها بعد دفع تعويض لتنفيذ مشاريع لها غرض المنفعة العامة على السكان. انحصرت التعديلات على المواد التنفيذية بالقانون،[2] وكان أهمها للمُلاك شرطًا يُلزِم سلطات نزع الملكية بإيداع القيمة المبدئية للتعويض في حساب مصرفي حكومي يدير فائدة. ففي حالة دفع التعويض في الوقت المناسب، تحتفظ السلطة بالفائدة المتراكمة. بينما في حالة تأخر الدفع، يتم دفع الفائدة المستحقة للملاك المنزوعة ملكيتهم كتعويض على التأخر. كما تم تعديل صلاحية قرار النزع وزيادة مدته من سنتين إلى ثلاث سنوات، مما يمنح السلطات مزيدًا من الوقت للاستفادة من القرار.
أتت هذه التعديلات ضمن الإصلاح التشريعي لتحديث قانون نزع الملكية في ضوء دستور 2014 الذي نص على دفع التعويضات مقدمًا،[3] حيث لم ينصا دستوري 1971 و2012 على هذا. كما أنها تعمل على تيسير الطريق أمام الحكومة لتنفيذ “المشروعات القومية الكبرى ومنها شبكة طرق حديثة … ومشروعات المياه والصرف الصحي لخدمة المناطق المحرومة، ومشاريع الإسكان الاجتماعي التي تهدف إلى القضاء على العشوائيات” حسب مجلس النواب.[4] استفاد هذا الإصلاح أيضًا من برنامج الدعم الفني من البنك الدولي لتحسين ترتيب مصر في مؤشر ممارسة أنشطة الأعمال، وتحديداً في فئة “حيازة الأراضي”.[5] كما أن هذا هو التعديل الرئيسي الثاني الذي يعد جزءًا من حزمة الإصلاح نفسها بعد التعديل الذي تم إجراؤه في أبريل 2018،[6] والذي أضاف اشتراط تعليق نسخة من قرار نزع الملكية على العقار المراد نزع ملكيته ودفع 20٪ إضافية فوق قيمة العقار المحتسبة كتعويض معنوي، وكذلك إلغاء شرط خصم أي رسوم مستحقة على العاقر خاصة مقابل التحسين.
تعويض “اجتماعي”
رغم أهمية هذه الإصلاحات في تحسين تطبيق القانون، فإن مشاريع الطرق السريعة الأخيرة التي تطلبت نزع ملكية وهدم مئات المباني أثارت الجدل حول التعويضات وضرورة تنفيذها. ففي مشروع محور ترعة الزمر في الجيزة، حجب جزء من المحور العلوي واجهات العديد من المباني، مما جعل الطوابق الأولى غير صالحة للسكن.[7] هذه الوحدات لم يشملها قرار نزع الملكية الأصلي المصاحب للمشروع لأنه اختص فقط بالعقارات التي تطلب نزع ملكية أراضيها.
أما في توسعة محور ترسا والطريق الدائري بالقاهرة الكبرى، لم يتم تطبيق قانون نزع الملكية على غالبية العقارات التي يتم إزالتها. فتم فقط وعد الملاك والمستأجرين (الشاغلون) بتعويض ثابت قدره 40 ألف جنيه لكل غرفة صالحة للسكن الشكل1،[8] ما أثار شكوى السكان لكونه أقل بكثير من سعر السوق للمنازل. دافع وزير النقل لاحقًا عن هذا الموقف في مقابلة أن هذا “التعويض الاجتماعي” المقدم كان أكثر من كافٍ للسكان لإخلاء الوحدات التي اعتبرتها الحكومة مباني مخالفة ولا يستحقون أي تعويض.[9] هذا رغم صدور قانون التصالح مع بعض مخالفات البناء والذي يسمح بتقنين أوضاع المباني المخالفة والتعامل معها على أنها رسمية.
بخلاف قلة قيمة التعويضات عن القيم السوقية للعقارات، وعدم تطبيق القانون نفسه، رصد نائب حي العمرانية شكاوى التأخير في صرف التعويضات بالمخالفة للنصوص الدستورية.[10] في قسم آخر من محور ترسا، ناشد المُلاك الحكومة وقف نزع ملكية منازلهم. فلم يكن التعويض أقل من سعر السوق فحسب، بل لم تكن المباني المقرر هدمها تضيف للطريق سوى 140 سم.[11]
تعديل آخر
دفع تذمر المُلاك من نزع ملكياتهم النائب إيهاب منصور إلى تقديم طلب إحاطة بمجلس النواب لوزراء التنمية المحلية والإسكان والنقل حول تباين آليات التعويض وعدم تطبيق القانون والتأخر في صرف التعويضات.[12] على إثره فتحت لجنة التنمية المحلية بمجلس النواب النقاش حول تعديل آخر لقانون نزع الملكية للتعامل مع المباني المخالفة واحتساب تعويض لها، والتفرقة بين تعويض المُلاك وتعويض المستأجرين، وتوضيح آليت تقييم العقارات.[13]
خلق طلب الإحاطة مناخ إيجابي للنقاش حول مشاكل قانون نزع الملكية، خاصة اقتراح تعديلات في صف المُلاك، وكلن أظهر النقاش أيضًا كيف أن قانون نزع الملكية نفسه لا يمثل وحده المشكلة، بل يجب أن يُنظر إليه ضمن الإطار التشريعي الأكبر الذي يحكم أمن الحيازة والمشاركة المجتمعية في تصميم وتنفيذ مشاريع التنمية العمرانية. فبالإضافة إلى التعديلات المقترحة عليه، يجب أن يتم توسيع نطاق القانون ليشمل أي أضرار تقع على مُلاك الأراضي والعقارات من تنفيذ المشروعات وليس فقط نزع ملكيتهم، وهو ما يسمى بالتعويض الجابر للضرر، مع وضع آلية تسمح لتظلم المُلاك من التعويض قبل التنازل عن العقار، تلزم عدم الاخلاء قبل التسديد الكامل للتعويض.
كما يجب إصلاح السياسات والقوانين الحاكمة للتطوير العمراني ومشاريع التنقل والمرافق لتحسين آليات المشاركة المجتمعية بها. فالكود المصري لتصميم الطرق يقترح فقط المشاركة المجتمعية في مرحلة التصميم التفصيلي، ولا يوجد إلزام بالمشاركة به، خاثة في المرحلة الأولية للتصميم.[14] هذا بالإضافة إلي تحسين مواد المشاركة بقانون البناء وتطبيقها في عمل المخططات العمرانية (المادة 14).[15]
فيم يمكن لهذه الخطوات أن تبطئ من وتيرة تنفيذ المشاريع العمرانية، توجد مكاسب عدة لتطبيقها منها التأكد من تنفيذ مناسبة للسكان، وتقليل الاحتياج إلى نزع الملكيات، وبالطبع ضمان التعويض العادل حال الاحتياج إلى نزعها.
المصادر
[1] “قانون رقم 10 لسنة 1990”, بإصدار قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة وفقاً لآخر تعديل صادر في ٥ سبتمبر عام ٢٠٢٠ . § (1990), https://www.cc.gov.eg/legislation_single?id=404886
[2] “قانون رقم 187 لسنة 2020”, بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1990 نزع الملكية للمنفعة العامة § (2020), 187, https://www.cc.gov.eg/i/l/404666.pdf
[3] مجلس النواب, “تقرير اللجنة المشتركة عن مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة”, نوفمبر، 2017, https://www.diigo.com/item/pdf/2r7n0/ad41
[4] مجلس النواب
[5]World Bank, “Egypt – Policy Note on Public Land Acquisition and Institutional Reforms: application of eminent domain principles” (Washington D.C.: World Bank, يونيو، 2017), http://documents.worldbank.org/curated/en/330071507119993972/Egypt-Policy-note-on-public-land-acquisition-and-institutional-reforms-application-of-eminent-domain-principles
[6] “قانون رقم 24 لسنة 2018”, بتعديل بعض أحكام القانون رقم 10 لسنة 1990 بشأن نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة § (2018), 24, https://www.cc.gov.eg/legislation_single?id=383958
[7] دويتشه فيله, “‘كوبري البلكونة’.. جسر ملاصق لعمارات سكنية يثير الغضب في مصر”, 16 مايو، 2020, https://archive.is/wip/GQ4J3
[8] اليوم السابع, “تعويضات سكان ‘ترسا’ بالجيزة.. الغرفة بـ40 ألف جنيه ووحدات بديلة بأكتوبر”, 4 مايو، 2020, https://archive.is/PVVS4; اليوم السابع, “محافظة القاهرة: تعويضات عقارات توسعة دائرى البساتين تقدر بـ40 ألف جنيه للغرفة”, 25 يناير، 2021, https://archive.is/PDcOI
[9] الشروق, “فيديو.. النقل: تعويض أصحاب المنازل المتضررين من توسعات الطرق بـ40 ألف جنيه للحجرة – بوابة الشروق”, 26 فبراير، 2021, https://www.shorouknews.com/news/view.aspx?cdate=26022021&id=37267811-5171-433f-aeb7-83b9a02081ea
[10] المصري اليوم, “طلب احاطة بالبرلمان لبحث آليات تعويض المواطنين في حال نزع ملكية العقارات”, 24 مارس، 2021, https://www.almasryalyoum.com/news/details/2295589
[11] محمد العريان, “422 أسرة بشارع ترسا بالجيزة يستغيثون: هدم منازلنا بسبب 140 سنتيمترا – بوابة الأهرام”, الأهرام, 12 فبراير، 2021, http://gate.ahram.org.eg/News/2605824.aspx
[12] المصري اليوم, “طلب احاطة بالبرلمان لبحث آليات تعويض المواطنين في حال نزع ملكية العقارات”
[13] الأهرام, “«محلية النواب» توصي بإجراء تعديل تشريعي على قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة”, 21 أبريل، 2021, https://gate.ahram.org.eg/News/2698113.aspx
[14] وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية, “الكود المصري لأعمال الطرق الحضرية والخلوية – الجزء الأول: الدراسات الأولية للطرق.” (القاهرة, 1998), https://drive.google.com/file/d/0BwTqC1X60rp0eW5ncDYwLXJWVUU/view
[15] “قرار وزير الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية رقم 144 لسنة 2009”, بأحكام اللائحة التنفيذية لقانون البناء رقم 119 لسنة 2008 § (2009), https://www.diigo.com/user/arshifalomran/b/530815177