
- نُشرت في 29 أبريل 2025
In case your device does not support our Arabic script, you can access the article as a PDF here
تعود الدعوات إلى رفع القيود عن الإيجار القديم إلى سبعينيات القرن الماضي. وبحلول أوائل التسعينيات، ازدادت هذه الدعوات قوةً، ما أدى إلى صدور القانون رقم 4 لسنة 1996، الذي سمح بإبرام العقود الجديدة فقط بموجب القانون المدني السائد، وترك تحديد الأسعار والشروط للمُلاك. مع ذلك، ولخيبة أمل المُلاك القدامى، لم يُلغِ القانون الجديد قيود عقود الإيجار القديمة القائمة. ولأن هذا هو النهج المتبع في مشاريع الإيجار النيوليبرالية حول العالم، استمرت مطالبات المُلاك برفع القيود، وتوالت الدعاوى القضائية.
تأتي هذه الدراسة ضمن سلسلة من الدراسات التي تتناول حكم المحكمة الدستورية العليا ببطلان فقرات من قانون الإيجار القديم، لتختص بمقارنة التجارب السابقة لتحرير الإيجار القديم، سواء من خلال القوانين التي تم تطبيقها بالفعل على الأراضي الزراعية وعلى الوحدات التجارية وعلى عقود الأشخاص الاعتبارية، أو من خلال عدد من مقترحات التحرير البارزة التي تم طرحها عبر العقود. هذا في سبيل طرح أهم النقاط التي يجب أن يرعاها التعديل التشريعي المرتقب، والاستفادة من إيجابيات وتفادي سلبيات التجارب السابقة.
المحتويات
السياق التاريخي: لماذا استغرق الأمر أربعين عامًا؟
تقييم التجارب السابقة ومحاولات رفع القيود
الركيزة 1: ارتفاع فوري في قيم الإيجارات
الركيزة 3: الزيادات السنوية للإيجارات
الركيزة 4: ضمانات ودعم للمستأجرين ذوي الدخل المنخفض
الملحق رقم 1: جدول مقارن لقوانين ومقترحات تحرير الإيجار القديم
السياق التاريخي: لماذا استغرق الأمر أربعين عامًا؟
يأتي حكم المحكمة الدستورية الأخير بشأن الإيجار القديم بعد أكثر من أربعة عقود من تردد الحكومة. تجنبت الحكومات المتعاقبة إصلاح نظام الإيجار القديم، خوفًا من الإخلاء الجماعي والاضطرابات الاجتماعية. ولطالما اُعتُبر القانون بمثابة شبكة أمان أساسية للمستأجرين ذوي الدخل المحدود وكبار السن، الذين لن يتمكن كثير منهم من تحمل إيجارات السوق. ومع ذلك، فإن التضخم الحاد في أوائل التسعينيات جعل الإيجارات القديمة منفصلة تمامًا عن واقع السوق، ما أدى إلى تعميق التوترات بين المُلاك والمستأجرين.
في عام 1996، وفي خضم إعادة هيكلة نيوليبرالية أوسع نطاقًا، قدّم وزير الإسكان صلاح حسب الله، قانون “الإيجار الجديد”، متعهدًا بعدم المساس بعقود الإيجار القديمة، مُشيرًا إلى خطر الإخلاء الجماعي والاضطرابات. ألقى حسب الله، باللوم في تدهور المناطق الحضرية على قانون الإيجار القديم، مُشيرًا بسخرية إلى أن المستأجرين كانوا يدفعون إيجارًا أقل من تكلفة جمع القمامة بسبب تجميد الإيجارات في ظل ظروف التضخم. ومن ناحية أخرى، كان مسؤولو الدولة يأملون أن يَحلّ قانون الإيجار الجديد وحده أزمة السكن مع تجنُّب الكُلفة السياسية التي قد تنتج من تعديل العقود القائمة. زعم حسب الله، أن تنظيم الإيجارات الجديدة ضروري “لتهدئة” سوق الإسكان مُفرط النشاط، لا سيما وأن سياسات التقشف تُجبر الدولة على التراجع عن توفير مساكن بأسعار معقولة. وربَط أزمة الإسكان بعجز الدولة عن تطوير وصيانة الرصيد السكني بشكل مباشر بسبب القيود المالية العامة، مُشيرًا إلى أن خصخصة قطاع الإسكان وأسعار المساكن غير المُنظّمة جعلت الدولة عاجزة عن بناء مساكن بأسعار معقولة على نطاق واسع.
رُوِّجَ لسياسة تحرير الإيجارات لعام 1996 كحَل قد يؤدي إلى زيادة المعروض من المساكن بشكل كبير، واستقرار أسعار الإيجار، وتعزيز الاستثمار العقاري، في غضون عامين. إلا أن هذا لم يكن كافيًا. فبينما حصل المُلاك على شروط أكثر ملاءمة لعقود الإيجار الجديدة، ظل السوق منحرفًا. استمر تراجع الإسكان الميسور، حيث تجاوز التضخم نمو الأجور، وتزايد اهتمام سوق الإسكان الرسمي بالفئات ذات الدخل المرتفع. بالنسبة إلى الأغلبية العظمى من السكان، ظل قطاع الإسكان غير الرسمي هو المصدر الرئيس للمأوى ذي التكلفة المعقولة، حيث يمثل أكثر من 75% من إجمالي المساكن في مصر.
منذ عام 1996، عمل سوق الإيجار في ظل نظامين متوازيين: الإيجار القديم، الذي حدد أسعار الإيجار للعقود المُبرمة من أربعينيات القرن الماضي وحتى عام 1996 مع السماح بالتوريث للأجيال، والإيجار الجديد من عام 1996 فصاعدًا، والذي يترك الأسعار لقوى السوق ويحدد شروط التعاقد ببضع سنوات. وقد أدى هذا الازدواج إلى تغذية الإحباط المتنامي بين المُلاك المرتبطين بعقود الإيجار القديمة، وزيادة قلق المستأجرين غير القادرين على تحمل أسعار السوق المحررة.
تقييم التجارب السابقة ومحاولات رفع القيود
لسنوات، تم تطبيق عدة قوانين لتحرير الإيجار القديم على وحدات غير سكنية، كما برزت عدة مقترحات لتحرير الوحدات السكنية، ولكن لم تُمرَّر بعد. على البعد التطبيقي، وجدنا ثلاثة قوانين قامت بتحرير الإيجارات المحددة: القانون رقم 96 لسنة 1992، الذي استهدف الأراضي الزراعية، والقانون رقم 6 لسنة 1997، الذي حرر نسبة من الوحدات التجارية، والقانون رقم 10 لسنة 2022 الذي تناول الوحدات العقارية المؤجرة للأشخاص الاعتبارية (الشركات أو المؤسسات). أما المقترحات البارزة، فهناك مقترح شعبة الإسكان بالمجالس القومية المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية، الذي كتبه خبير الإسكان الراحل الدكتور أبو زيد راجح سنة 1997، ومقترح حديث تم تقديمه من الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي إلى مجلس النواب سنة 2021، ومقترح من رابطة مستأجري مصر الذين يمثلون عدد من مستأجري الإيجار القديم، بالإضافة إلى مقترح حديث من اتحاد ملاك العقارات القديمة تم نشره بعد حكم المحكمة الدستورية الأخير، الذي يمثل هو الآخر عددًا من ملاك العقارات المؤجرة تحت قانون الإيجار القديم.
من خلال مقارنة هذه القوانين والمقترحات ظهرت أربع ركائز أساسية استخدمها أغلبهم لتحرير الإيجار القديم (الملحق رقم 1). الركيزة الأولى هي زيادة فورية على الإيجارات لامتصاص نسبة من الفارق بين قيم الإيجارات الثابتة، وبين القيم السوقية. والثانية هي النص على فترة انتقالية بين الزيادة الفورية وبين التحرير الكامل لقيم الإيجارات. والثالثة الزيادة التدريجية للإيجارات أثناء الفترة الانتقالية. أما الركيزة الرابعة فهي دعم المستأجرين غير القادرين على تحمل أسعار السوق الجديدة. اختلفت القوانين والمقترحات في تناولها للركائز الأربع بشكل واضح، خاصة ما تم تمريره من قوانين، وهو ما يعطي فرصة الاستفادة من التجارب السابقة، وبسط الطريق لتحرير مدروس للإيجارات القديمة يحمي أضعف الأطراف.
الركيزة 1: ارتفاع فوري في قيم الإيجارات
تختلف القوانين والمقترحات اختلافًا جذريًّا في طريقة تناول زيادات الإيجار الأولية. القانون رقم 96 لسنة 1992، الذي استهدف الأراضي الزراعية، رفع الإيجار باثنين وعشرين ضعفًا من قيمة ضريبة الأطيان عند التصديق. وفي حال تجميد الضريبة عند قيمة اسمية قدرها جنيهان مصريان، تتدخل لجنة لإعادة تقييم الإيجار. أما القانون رقم 7 لسنة 1997، الذي حرر الوحدات التجارية، فقد فرض أضعافًا حادة بناءً على تاريخ بناء الوحدة، تتراوح بين زيادة قدرها 10% للوحدات المبنية بعد عام 1977 وزيادة قدرها ثمانية أضعاف للوحدات المبنية قبل عام 1944. أما القانون رقم 10 لسنة 2022 الذي تناول الأشخاص الاعتبارية، فقد فرض زيادة موحدة قدرها خمسة أضعاف قيمة الإيجار وقت إقرار القانون. وبالمثل، تضمن مقترح اتحاد المُلاك لعام 2025 للوحدات السكنية زيادة تصل إلى 60% من قيمة الضريبة العقارية في السنة الأولى. استنادًا إلى القانون رقم 6 لسنة 1997، اعتمد مقترح شعبة الإسكان بالمجالس القومية المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية عام 1997 أيضًا على تضاعُف مُتَدَرِّج. بينما يقترح مشروع قانون تم طرحه في مجلس النواب سنة 2021 إعادة حساب الإيجار مبدئيًّا بحد أدنى مئتان أو ثلاث مئة جنيه مصري، أو متوسط مصاريف المرافق للسنة السابقة، أو 75% من القيمة الضريبية المُقَدَّرة – أيها أعلى.
تقع أهمية الزيادة الفورية في إعطاء بعض التوازن بين القيم الثابتة والمتدنية وبين قيم السوق الجديدة والتي قد ترتفع مئة أو ألف ضعف عن القيم القديمة. ولكن توجد أيضًا صعوبة في تقدير هذه الزيادة بشكل مباشر وبسيط لا يحتاج إلى سلطات تقديرية قد يشوبها الفساد أو تحميل المحاكم نظر الطعون عليها، وفي الوقت نفسه لا تثقل كاهل المستأجرين بما لا يحتملونه. لذا نعزز بذل أكبر جهد على هذه الركيزة لضمان خروج قانون يوازن بين حقوق وواجبات الطرفين، لتحجيم نشوب النزاعات حوله بعد تمريره.
الركيزة 2: الفترة الانتقالية
في الركيزة الثانية وهي الفترة الانتقالية، نجد تراوح الفترة بين ثلاث سنوات، وهو مقترح اتحاد ملاك العقارات، وفترات تصل إلى خمسة وعشرين عامًا في مقترح المجالس القومية المتخصصة، حسب سنة بناء الوحدة. بينما اتفق قانونان على خمس سنوات. بينما كان مهمًّا للمقترحات القديمة نسبيًّا التفرقة بين العقارات حسب سنة البناء لكون نسبة ليست قليلة قد أبرمت عقودها في فترة وجيزة قبل التعديل المقترح، وضياع الخلو المدفوع أو قيمة التشطيبات المنفذة من قبل المستأجرين مقابل ثبات الأجرة لعدد غير محدد من السنوات. اليوم مرت 29 سنة على آخر عقد قديم تم إبرامه، أي سنة 1996، ما يسمح بمعاملة تواريخ العقود بالمثل، حيث وازنت قيم الخلوات أو التشطيبات بين فروق الإيجار السوقي خلال هذه المدة، والقيم التي تم تثبيتها. ولكن تقع أهمية الفترة الانتقالية في إعطاء المستأجرين وقت كافٍ لتدبير سكن بديل حال عدم الاستطاعة على تحمل قيم السوق بعد انتهاء الفترة، كما تسمح للحكومة بتدبير برنامج يدعم غير القادرين أثناء الفترة الانتقالية، وبعدها، وبالإضافة يعطي مجلس النواب فرصة لدراسة الأثر التشريعي لقانون الإيجار الجديد والعمل على إصلاحه لضبط سوق الإيجار العمومي الذي ترك المستأجرين تحت رحمة أسعار تضخُمية غير منظمة، يواجهون صعوبة في تحمل تكاليف السكن في جميع أنحاء الجمهورية.
الركيزة 3: الزيادات السنوية للإيجارات
في الركيزة الثالثة، وهي الزيادات التدريجية أثناء الفترة الانتقالية، لم تفرض بعض القوانين والمقترحات أي زيادات سنوية خلال الفترة الانتقالية، مثل قانون الأراضي الزراعية. في المقابل، حدد كل من قانون الوحدات التجارية ومشروع قانون 2021 زيادة سنوية ثابتة بنسبة 10%، كما هو العرف في الإيجار الجديد، وذهب قانون الأشخاص الاعتبارية إلى أبعد من ذلك، حيث اشترط زيادة سنوية بنسبة 15% لمدة خمس سنوات.
كان مقترح عام 1997 أكثر تفصيلًا. ففي مرحلته الأولى، طُرِحَت زيادات سنوية مختلفة حسب تاريخ بناء الوحدة. على سبيل المثال، واجهت الوحدات الأقدم (قبل عام 1944) زيادة سنوية بنسبة 20% لمدة خمس سنوات، ثم 10% سنويًّا. أما بالنسبة إلى الوحدات الأحدث، فكانت الزيادات موحدة بنسبة 10%. كان المنطق وراء ذلك هو مراعاة احتمالية دفع المستأجرين الجدد مبالغ “الخِلو” لوحداتهم، وكذلك لاستيعاب فروق القيم الإيجارية للوحدات التي جُمدت إيجاراتها منذ ما قبل خمسينيات القرن الماضي (بإيجارات أحادية الرقم، مثل ستة جنيهات مصرية)، بخلاف الوحدات المُؤجرة في السبعينيات والثمانينيات (بإيجارات تزيد على مئة جنيه مصري). في المرحلة الثانية، تم تغيير احتساب الإيجار ليعتمد على نسبة مئوية من القيمة السوقية للعقار، بدءًا من 4% وحد أقصى 8% بحلول السنة الخامسة. كان اقتراح اتحاد مستأجري مصر أكثر تواضعًا: زيادة سنوية بنسبة 10% لمدة خمس سنوات، يليها تجميد لخمس سنوات، ثم زيادة أخرى بنسبة 10%.
نرى أن هذه الزيادات التدريجية يجب أن تحسب في معادلة مع الزيادة الفورية، بطريقة توازن بين زيادة فورية منطقية وزيادات سنوية في حدود زيادات الأجور، حتى يتم مراعاة حكم المحكمة الدستورية في عدم دستورية تثبيت الأجرة، مع عدم تحميل المستأجرين زيادات لا يستطيعون الوفاء بها.
الركيزة 4: ضمانات ودعم للمستأجرين ذوي الدخل المنخفض
تأتي الركيزة الرابعة، وهي ضمان ودعم المستأجرين غير القادرين، في صلب أغلب القوانين والمقترحات السابقة، لأنها تقوم بنقل مسؤولية دعم المستأجرين غير القادرين من الملاك إلى الحكومة. فقام قانون الأراضي الزراعية بالنص على توفير الحكومة مساكن بديلة للفلاحين في المنطقة نفسها حال كانت الأرض محل سكن المستأجر أيضًا، أي بيت العزبة. أما مقترح المجالس المتخصصة فتصور إنشاء صندوق إسكان اجتماعي (لم يكن منشأ وقتها)، يدعم الفروق بين الإيجارات السوقية، والقيم التي يتحملها محدودو الدخل من المستأجرين، مع منح حماية من الطرد ما لم تُستوفَ شروط محددة. كما أضاف خيار الإيجار المنتهي بالتملك، وتشكيل لجنة لحلّ النزاعات بين المالك والمستأجر. كما حمى حقوق المستأجر في الميراث خلال الفترة الانتقالية، واشترط إشعارًا لمدة 3-5 سنوات لعمليات الإخلاء المتعلقة بالهدم بعد الفترة الانتقالية، واقترح حدودًا قصوى لعدد عمليات الإخلاء سنويًّا. كما دعا إلى مراقبة حكومية على سوق الإسكان لمنع الاضطرابات الناجمة عن المضاربة. اقترح مشروع قانون 2021 إنشاء صندوق مدعوم من الدولة يُموّل بإلغاء الإعفاءات الضريبية العقارية على الوحدات الإيجارية. كما منح حماية من الطرد ما لم تُستوفَ شروط محددة، ومنح المستأجرين ذوي الدخل المنخفض أولوية في الحصول على السكن الاجتماعي. ركز اتحاد المستأجرين المصري في تثبيت الإيجارات أكثر من التركيز في الضمانات الشاملة.
نجد أن مقترح المجالس المتخصصة هو الأكثر وفاءً بدعم المستأجرين، ما بين الدعم النقدي وحماية غير القادرين من الإخلاء والتشرد. كما أنه الأقرب للتنفيذ، حيث يوجد اليوم بالفعل صندوق الإسكان الاجتماعي ودعم التمويل العقاري، الذي ينفذ برنامج مع البنك الدولي ويقوم بالدعم النقدي لشراء وحدات الإسكان الاجتماعي، بالإضافة إلى مكون يقوم بتدبير دعم نقدي لمستأجري وحدات القطاع الخاص. كل ما هو مطلوب تفعيل هذا المكون ليغطي كل المستأجرين من ذوي الدخول المحدودة، خاصة من هم على المعاش.
الخلاصة
يعكس التاريخ الطويل والمُعقد لتحرير الإيجارات القديمة في مصر تناقضات هيكلية عميقة في سياسات الإسكان والاقتصاد السياسي للبلاد. منذ رفع القيود عن الإيجارات، تم الحفاظ على نظام الإيجار القديم ليس فقط كشكل من أشكال الحماية الاجتماعية بالوكالة في ظل غياب بدائل سكنية معقولة التكلفة، بل والأهم من ذلك، أن الحكومة والبرلمان تجنبا هذه الفوضى طويلة الأمد خوفًا من إثارة اضطرابات اجتماعية. وعدت الحكومات المتعاقبة بمعالجة نقص المساكن، وتحرير الوحدات الشاغرة، وإعادة التوازن إلى العلاقة بين المالك والمستأجر. مع ذلك، فإن استمرار ظاهرة السكن العشوائي، وتدهور الحماية الاجتماعية، والفجوة الكبيرة بين أسعار الإيجارات والوحدات المعروضة للبيع في السوق، ودخل الأسر، لا تزال تُفاقِم الفجوات الاجتماعية والاقتصادية.
إن المقترحات والقوانين المتنوعة التي تناولتها هذه الدراسة -من نماذج التحرير الشديدة إلى الأطر الأكثر تدريجية والأكثر مراعاةً للاعتبارات الاجتماعية- تُبرِز رؤى متضاربة حول كيفية انتقال مصر من نظام الإيجار القديم. في ضوء حكم المحكمة الدستورية الأخير، فلا يكمن التحدي في ضرورة إصلاح ضوابط الإيجارات، بل في كيفية ضمان ألَّا يأتي هذا الإصلاح بإخلاءات واسعة النطاق وتعميق للتفاوتات المُجحفة. يكشف تقييم التطبيقات السابقة لتشريعات رفع القيود، بالإضافة إلى مسودات رفع القيود عن إيجارات المساكن، عن دروس مهمة للمُشرِّعين. ونظرًا إلى خطورة رفع القيود وتأثيره الواضح في ملايين المستأجرين، فإن فترة انتقالية كافية مع زيادات تدريجية ومتناسبة في الإيجارات أمر ضروري لمنع حدوث صدمة اجتماعية واقتصادية آنية. كما يتعين على المشرِّع إعادة النظر في وضع سوق الإيجارات الجديدة، الذي ترك المستأجرين تحت رحمة أسعار تضخُمية غير منظمة، يواجهون صعوبة في تحمل تكاليف السكن في جميع أنحاء الجمهورية. تشكل هذه الاعتبارات أساسًا لتحديد توصيات سياساتية واضحة وقابلة للتنفيذ لتوجيه مسار عادل اجتماعيًّا ومستدام لإصلاح نظام الإيجارات في مصر.
شكر وعرفان
كتابة: نادين عبد الرازق ويحيى شوكت
ترجمة: بسمة ناجى
مراجعة لغوية: أحمد الشبيني
الصورة الرئيسة: عقار بوسط البلد، القاهرة. مرصد العمران
عند الاقتباس، الرجاء كتابة المرجع:
نادين عبد الرازق ويحيى شوكت. “تقييم تجارب تحرير قيود الإيجار القديم – كيف نبني على ما سبق”. مرصد العمران. 29 أبريل 2025.
الملحق رقم 1: جدول مقارن لقوانين ومقترحات تحرير الإيجار القديم
القانون أو المقترح | الركيزة رقم 1
ارتفاع فوري في القيم |
الركيزة رقم 2
الفترة الانتقالية |
الركيزة رقم 3
زيادة سنوية خلال الفترة الانتقالية |
الركيزة رقم 4
ضمانات ودعم للمستأجرين ذوي الدخل المنخفض |
– يتم تحديد الإيجار بما يعادل 22 ضعف الضريبة العقارية، أو في حالة تجميد الضريبة على الأطيان عند 2 جنيه، تحدِّد لجنة مُختصة للإيجار المناسب بناءً على طلب المالك، ويستمر العمل بهذه الزيادة لمدة خمس سنوات. | إذا لم يتفق المستأجر والمالك على قيمة الإيجار بحلول نهاية السنة الزراعية 1996/1997 (بعد 5 سنوات) فإن عقد الإيجار يعتبر لاغيًا تلقائيًّا. | لا يوجد | إذا رغب المالك في بيع الأرض قبل انتهاء السنوات الخمس، فعليه تعويض المستأجر بمبلغ يعادل 40 ضعف الضريبة على الأطيان سنويًّا.
في حال صدور أمر إخلاء، يلتزم المالك بتعويض المستأجر بما يعادل 200 ضعف الضريبة على الأطيان.
إذا كانت الأرض الزراعية مسكنًا للمستأجر أيضًا، وصدر إشعار إخلاء بحقه، فإن الدولة ملزمة بتوفير مسكن بديل في نفس المنطقة. لا يجوز إخلاء المستأجر قبل توفير مسكن مناسب له.
|
|
القانون رقم 6 لسنة 1997 بشأن الوحدات التجارية | – زيادة ١٠٪ للوحدات السكنية المبنية بين ٩/٩/١٩٧٧ و٣٠/١/١٩٩٦
– زيادة ثلاثة أضعاف للوحدات السكنية المبنية بين ٧/١٠/١٩٧٣ و٩/٩/١٩٧٧ – زيادة أربعة أضعاف للوحدات السكنية المبنية بين ٥/١١/١٩٦١ و٦/١٠/١٩٧٣ – زيادة خمسة أضعاف للوحدات السكنية المبنية بين ١/١/١٩٤٤ و٤/١١/١٩٦١ – زيادة ثمانية أضعاف للوحدات السكنية المبنية قبل ١/١/١٩٤٤ |
لا توجد (استمرار العقود مع توريثها لمرة واحدة) | زيادة سنوية بنسبة 10% بعد الزيادة الفورية | لا يوجد |
القانون رقم 10 لسنة 2022 بشأن الوحدات العقارية المؤجرة لللأشخاص الاعتبارية | زيادة فورية في قيمة الإيجار بمقدار خمسة أضعاف الإيجار القائم وقت إقرار القانون | بعد انقضاء هذه السنوات الخمس، يُلزَم المستأجر بإخلاء العقار | زيادة سنوية بنسبة 15% لمدة خمس سنوات | لا يوجد |
مقترح شعبة الإسكان بالمجالس القومية المتخصصة التابعة لرئاسة الجمهورية، سنة 1997 |
الزيادة:
– زيادة بنسبة ١٠٪ للوحدات السكنية المبنية بين ٩/٩/١٩٧٧ و٣٠/١/١٩٩٦ – زيادة إلى الضِّعف للوحدات السكنية المبنية بين ٧/١٠/١٩٧٣ و٩/٩/١٩٧٧ – زيادة ثلاثة أضعاف للوحدات السكنية المبنية بين ٥/١١/١٩٦١ و٦/١٠/١٩٧٣ – زيادة أربعة أضعاف للوحدات السكنية المبنية بين ١/١/١٩٤٤ و٤/١١/١٩٦١ – زيادة خمسة أضعاف للوحدات السكنية المبنية قبل ١/١/١٩٤٤
– الوحدات الشاغرة: تُلغى العقود في حال شغورها بشكل دائم بسبب وجود مستأجرين خارج البلاد |
يُسمح بالتأجير الذي يُفضي إلى التملُّك طوال الفترة الانتقالية، والتي تُحدد بناءً على سنة بناء الوحدة. يكون الانتقال على مرحلتين: المرحلة الأولى، التي تختلف مدتها باختلاف سنة البناء، وتتميز بزيادة تدريجية بناءً على أسعار الإيجار الحالية، والمرحلة الثانية، وهي خمس سنوات ثابتة لجميع الوحدات، وبعدها يُعفى الإيجار. هنا فترة الانتقال الإجمالية بناءً على سنة البناء: – الوحدات المبنية قبل 1/1/1944: 15 عامًا – الوحدات المبنية بين 1/1/1944 و4/11/1961: 18 عامًا – الوحدات المبنية بين 5/11/1961 و6/10/1973: 21 عامًا – الوحدات المبنية بين 7/10/1973 و9/9/1977: 23 عامًا – الوحدات المبنية بين 9/9/1977 و30/1/1996: 25 عامًا |
المرحلة الأولى:
– الوحدات المبنية بين 9/9/1977 و30/1/1996: زيادة سنوية بنسبة 10% – الوحدات المبنية بين 7/10/1973 و9/9/1977: زيادة سنوية بنسبة 10% – الوحدات المبنية بين 5/11/1961 و6/10/1973: زيادة سنوية بنسبة 10% – الوحدات المبنية بين 1/1/1944 و4/11/1961: زيادة سنوية بنسبة 15% لمدة خمس سنوات، ثم زيادة سنوية بنسبة 10% – الوحدات المبنية قبل 1/1/1944: زيادة سنوية بنسبة 20% لمدة خمس سنوات، ثم زيادة سنوية بنسبة 10%
المرحلة الثانية لجميع الوحدات: – السنة الأولى: لا يتجاوز الإيجار السنوي 4% من قيمة الوحدة – السنة الثانية: لا يتجاوز الإيجار السنوي 5% من قيمة الوحدة – السنة الثالثة: لا يتجاوز الإيجار ٦٪ من قيمة الوحدة. – السنة الرابعة: لا يتجاوز الإيجار السنوي ٧٪ من قيمة الوحدة. – السنة الخامسة: لا يتجاوز الإيجار السنوي ٨٪ من قيمة الوحدة. |
صندوق الإسكان الاجتماعي: لدعم المستأجرين من محدودي الدخل غير القادرين على تحمل الإيجار بعد الزيادات، وذلك بدفع الفرق بين ما يستطيعون تحمله وقيمة الإيجار الجديدة. سيتم تمويل هذا الصندوق من خلال ضرائب العقارات، والتي ستزداد مع ارتفاع الإيجارات، ويجب مراجعتها كل خمس سنوات.
لا ينتهي عقد الإيجار خلال الفترة الانتقالية بوفاة المستأجر، بل ينتقل إلى أقرب أقربائه. إنشاء هيئة مختصة بحل النزاعات بين الملاك والمستأجرين، ما يُخفف من الحاجة إلى اللجوء إلى القضاء. إذا رغب مالك العقار في هدم المبنى بعد الفترة الانتقالية، فعليه إخطار المستأجرين قبل 3-5 سنوات على الأقل. على الدولة وضع حد سنوي لعدد عمليات الإخلاء للحد من النزوح السكاني الواسع النطاق. على الدولة مراقبة سوق الإسكان الحر والتدخل التشريعي عند الحاجة لمنع الاضطرابات. |
مقترح الجمعية المصرية للاقتصاد السياسي تم تقديمه إلى مجلس النواب سنة 2021 | الحد الأدنى لإيجار الوحدات السكنية يزيد 200 جنيه وللوحدات غير السكنية الحد الأدنى 300 جنيه أو متوسط مصاريف المرافق المدفوعة في العام السابق أو 75% من القيمة التي على أساسها تم حساب الضريبة العقارية في العام السابق | زيادة سنوية بنسبة 10% | إنشاء صندوق حكومي لدعم المستأجرين ذوي الدخل المحدود غير القادرين على تحمل تكاليف الإيجارات الجديدة.
إلغاء إعفاءات الضريبة العقارية على الوحدات الإيجارية، وستُضاف الأموال المجمعة من هذه الضرائب إلى الصندوق الجديد.
منح المستأجرين من محدودي الدخل الأولوية في مشاريع الإسكان الاجتماعي الحكومية.
تشكيل لجان خاصة لحل النزاعات المتعلقة بقيم الإيجارات. |
|
مقترح اتحاد ملاك العقارات القديمة سنة 2025 | زيادة فورية بنسبة 60% من القيمة التي تحددها الضرائب العقارية | ثلاث سنوات يليها تحرير الإيجار بالكامل في السنة الرابعة | زيادة في السنة الثانية إلى 80%
من قيمة الإيجار حسب الضرائب العقارية، وإلى 100% في السنة الثالثة
|
|
مقترح رابطة مستأجري مصر سنة 2025 | زيادة سنوية بنسبة 10% لمدة خمس سنوات ثم توقف مؤقت للزيادات لمدة خمس سنوات تليها زيادة أخرى بنسبة 10% |