أهم عشر أسئلة حول قانون التصالح في بعض مخالفات البناء (محدّث)

  • نُشرت في 25 أغسطس 2020

ينشر مرصد العمران سلسلة من المقالات الخاصة بقانون التصالح في بعض مخالفات البناء وتقنين أوضاعها، والمعروف إعلاميًّا بقانون التصالح، وهو تشريع أثار الجدل حوله لأسباب عدة، ما بين آلية التطبيق، وارتفاع أسعار الغرامات، وفي حالة الشقق المباعة، مَن الذي يقع عليه عاتق الغرامة.

لقراءة مقالات السلسلة اضغط هنا

مقدمة

تم إصدار قانون التصالح رقم 17 لسنة 2019 يوم 4 إبريل 2019 (وسيشار إليه بـ ق17 س2019 في باقي المقال)،[1] لتقنين وضع ملايين من العقارات التي تم بناؤها بالمخالفة لقوانين البناء في مقابل غرامة مالية تتراوح ما بين 50 إلى 2000 جنيه للمتر حسب موقع العقار. تم فتح باب قبول الطلبات لمدة ستة أشهر مع إصدار اللائحة التنفيذية للقانون بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 1631 لسنة 2019 (قر1631 س2019) ما بين يوليو 2019 وآخر ديسمبر 2019. ولكن نظرًا إلى ضعف الإقبال تم تعديل القانون بالقانون رقم 1 لسنة 2020 والذي صدر يوم 7 يناير 2020 (ق1 س2020)، وتم إعادة فتح الباب لتلقي الطلبات حسب اللائحة التنفيذية المعدَّلة (قر800 لسنة 2020)، ليتم مد العمل بالقانون عدة مرات آخرها حتى مارس 2021 (قر 2725 لسنة 2020).

فما هي أهم عشرة أسئلة حول قانون التصالح؟

 للاطلاع على جميع القوانين والقرارات الرسمية المنشورة الخاصة بالقانون اضغط هنا

1. كيف تعرف أن العقار مخالف؟

الطريقة القاطعة لمعرفة أن العقار، أو جزءًا منه (وحدة أو غرفة إلخ…) مخالف، هي عدم وجود رخصة بناء له.  كما أن أي وحدة لا يوجد بها عداد كهرباء وتتصل بنظام الممارسة، أو بها عداد كهرباء “كودي”، وهو مثله مثل العداد الإلكتروني سابق الدفع بـ(كارت شحن)، ولكن على العقد والإيصالات لا يوجد اسم لمالك الوحدة، ولكن فقط رقم كودي، فإنها تعد مخالِفة.

2. مَنِ المعني بالتقدم للتصالح؟

لم ينص قانون التصالح على طرف معين له صلة بالعقار، واكتفى بمصطلح “مُقدِّم الطلب” (ق17 س2019 المادة الثالثة). أثار هذا الإبهام جدلًا واسعًا في حالة شراء أحدٍ وحدةً مخالفة، فمَنِ الذي يقع عليه عبء التصالح: أهو المالك الأصلي للعقار، أي من قام بعملية البناء، أم المالك الحالي للوحدة والذي قام بشرائها من المالك الأصلي، أو أحد من بعده؟ بعد صراعٍ دام أشهرًا، أكدت وزارة التنمية المحلية أن المالك الأصلي هو من تقع عليه المسؤولية الجنائية لمخالفة قانون البناء،[2] فهو من تُوجَّه إليه الإنذارات والمحاضر، والأحكام القضائية، وهذا ما أيده المحامي حافظ أبو سعدة،[3] عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، ومدير المنظمة المصرية لحقوق الإنسان.

ولذا فلقانون التصالح أهمية لدى الملَّاك الأصليين نظرًا إلى نصه على تجميد الملاحقات القانونية عند تسليم طلب التصالح، وإن قُبل، تُسقط الدعاوى وتُحفظ التحقيقات ويُوقف تنفيذ الأحكام، إن كان هناك أحكام نهائية بالحبس (ق17 س2019 المادة السادسة). فالمستفيد الأكبر من هذا النص هم المُلاك الساكنون في هذه العقارات ومن قاموا ببنائها لاحتياجهم الاجتماعي إلى المسكن، خاصة في الريف. ولكن هناك الكثير من المُلاك المستثمرين، وأغلبيتهم من المدن، الذين تمرَّسوا على البناء المخالف بغرض الاستثمار، وقاموا باللجوء إلى “الكاحول”، وهو شخص يتحمل العواقب القانونية بالوكالة عن المالك الأصلي في مقابل مبلغ مالي.

هناك ميزة أخرى للتصالح وهي إصدار شهادة بمثابة ترخيص رسمي بالبناء (ق17 س2019 المادة السادسة)، والتي تعد أحد شروط تسجيل الملكية بالشهر العقاري، وتَسلُّم عقد مسجل لمن يرغب فيه. ولكن تنخفض نسب التسجيل في مصر إلى ما بين 3% إلى 10% فقط من العقارات،[4] وتعتمد الأغلبية العظمى على منظومة القضاء في تسجيل العقود فقط (وليس العقار) من خلال أحكام صحة التوقيع أو الصحة والنفاذ. فلا يمثل هذا دافعًا كبيرًا لدفع مبالغ مالية ضخمة للتصالح.

الميزة الأخيرة هي توصيل المرافق الرسمية لمن يتصل بالكهرباء عن طريق الممارسة أو العداد الكودي (ق17 س2019 المادة السابعة).

3. هل هناك أهمية للتصالح لمُلّاك الوحدات بالشراء؟

نظرًا إلى عدم تواجد مسؤولية قانونية على مُلاك الوحدات المخالفة بالشراء، فهم غير مطالبين بالتقديم على التصالح. إلا أن هذا لم يمنع تصريح بعض أعضاء مجلس النواب بتهديدات بقطع المرافق عن الوحدات حال عدم تقدمهم بطلبات التصالح، أو الحجز الإداري عليها، أو رفع قيم المرافق ثلاثة أضعاف على من لم يتقدم إلى التصالح، أثناء التعديل الأخير للقانون. تهديدات لم تمرر في النهاية لعدم الدستورية التي تشوبها. كما أن السكان المعرضين لقطع المرافق هم من لديهم عدادات كهرباء كودية أو محاضر ممارسة، أي أنهم بعقارات جديدة نسبيًّا تم بناؤها منذ عام 2011.[5] أما العقارات المخالفة والتي تتمتع بعدادات رسمية، فلا يمكن قطع المرافق عنها بدون حكم قضائي يختص بإخلال صاحب الوحدة بأحد شروط التعاقد.[6]

من ناحية أخرى فقد نص قانون التصالح على استكمال إجراءات المخالفات البنائية إذا رُفض طلب التصالح وللعقارات التي لم يُقدم لها طلب تصالح، والتي يترتب عليها عند ثبوت المخالفة، إصدار قرار بالإزالة (ق17 س2019 المادة التاسعة). لذا فسيظل كثير من المُلاك في حالةٍ من عدم الاستقرار حيال القانون، رغم عدم ارتكابهم المخالفة، ما دفع العديد منهم إلى التقدم بطلبات تصالح، أو المحاولة للتقدم لشراء راحة البال.

4. هل هناك أهمية للتصالح لسكان العقار والعقارات المجاورة؟

أحد مطالب التقنين، تقديم تقرير عن السلامة الإنشائية للمبنى (ق17 س2019 المادة الرابعة). وهو مطلب مهم نظرًا إلى تفشي ظاهرة انهيار العقارات في مصر. ففي سنة 2012/2013 وقع أكثر من 390 حادث انهيار، تسببت المباني المخالفة في أقل من 10% منها، والتي كانت وراء 36% من حالات الوفاة التي تم رصدها.[7] وكان ذلك بسبب الأبراج المكونة من عشرة أدوار فأكثر، والتي تم بناؤها في عددٍ من مدن مصر، على رأسها الإسكندرية والقاهرة، والتي كانت مكتظة بالسكان، أو انهارت فوق العقارات الأصغر المجاورة لها. فشرط اجتياز التقرير الهندسي يعتبر شرطًا مهمًّا للسلامة العامة للمباني الكبيرة.

ولكن تتعدد المخالفات الإنشائية ما بين ما يمكن إصلاح وضعه ليصبح آمنًا، إلى ما لا يقبل الإصلاح، ولم ينص القانون على إعطاء فرصة لإصلاح العقار المعيوب. وهل ستقوم الحكومة بإزالة العقارات غير الآمنة إنشائيًّا، والتي عجزت من قبل عن إزالتها، مع توفير سكن بديل لسكانها؟

 

5. ما العقارات الخاضعة لقانون التصالح؟

ديباجة قانون التصالح تفتتح بأنه “يجوز التصالح في الأعمال التي ارتكبت بالمخالفة لأحكام القوانين المنظِّمة للبناء” (ق1 س2020 المادة الأولى).[8] هنا اختص القانون أعمال البناء نفسها، والتي قام بها المقاول وصاحب العقار الأصلي، وينظمها حاليًّا قانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 والتي تنص المادة 39 منه على الحصول على ترخيص لإنشاء المباني أو المنشآت، أو لتوسيعها وتعليتها وتعديلها وتدعيمها وترميمها وهدمها، أو إجراء أي تشطيبات خارجية بها. فأي عمل من هذه الأعمال قام به صاحبه دون رخصة، مطالب بالتصالح.

الجدير بالذكر أن تعديل قانون التصالح أوضح أنها: أي مخالفات للقوانين المنظِّمة للبناء (ق1 س2020 المادة الأولى)، وليس فقط قانون البناء الصادر عام 2008، أي العقارات المخالفة من قبل 2008 أيضًا…

… ولكن يوجد استثناء وحيد للمنازل بالقرى التي تم بناؤها قبل العمل بقانون البناء الموحد رقم 119 لسنة 2008 (11 مايو 2008) والتي كان البناء بها لا يستلزم إصدار رخصة بناء، وهذا حسب كتاب دوري لوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية بتاريخ 27/7/2020، لأن قانون التصالح لم يحدد بشكل قاطع كيف تتم معاملة هذه المنازل.

لذا، فقانون التصالح يسري على أي عقار أو جزء من عقار (دور، غرفة، إلخ…) تم بناؤه بدون رخصة، أو تعديلات تمت بدون رخصة، أو أجزاء تم بناؤها بالمخالفة للرخصة ولم يتم تقنينه حسب قوانين التصالح السالفة وكان آخرها قد صدر سنة 1986 (للاطلاع عليها اضغط على هذا الرابط)….

6. هل يتم تقنين جميع المخالفات؟

لا، لأن هناك شروطًا للتصالح وأنواعًا من المخالفات لا تقبل التصالح (ق1 س2020 المادة الأولى):

– في المدن وداخل أحوزة القرى: فقط المخالفات التي تمت قبل تاريخ العمل بالقانون الأصلي، أي 8 إبريل 2019، هي التي سيتم التصالح معها.

– في الأرياف خارج أحوزة القرى: حدد القانون 22 يوليو 2017 كآخر تاريخ للتصالح للمباني القريبة من الأحوزة العمرانية (الكردونات) للقرى والتي تقع خارج الكردون، شرط أن تكون مكتملة المرافق ومأهولة بالسكان وتظهر بالتصوير الجوي.

– لا تصالح مع الأعمال المخلة بالسلامة الإنشائية (حسب تقرير السلامة الإنشائية).

– لا تصالح مع التعدي على خطوط التنظيم (البناء على الطرق والشوارع خارج الملكية الخاصة).

– لا تصالح مع التعدي على حقوق الارتفاق المقررة قانونيًّا (على سبيل المثال الردود التي يجب تركها بين المبنى وجاره) إلا مع موافقة أصحاب الحقوق.

– لا تصالح مع مخالفاتٍ بالمباني المسجلة ذات الطراز المعماري المتميز أو كأَثَر.

– لا تصالح مع تجاوز قيود الارتفاع المقررة من سلطة الطيران المدني، أو متطلبات شؤون الدفاع عن الدولة (على سبيل المثال الارتفاعات المقررة من عمليات القوات المسلحة).

– لا تصالح مع البناء على أراضي الدولة ما لم تكن الحيازة مقننة حسب قوانين أخرى، أو البناء على أراضٍ خاضعة لقانون الآثار أو حماية نهر النيل.

7. كيف تثبت تاريخ المخالفة؟

لإثبات أن تاريخ المخالفة كان قبل آخر تاريخ يقبل التصالح يمكن الاستناد إلى إحدى هذه الوثائق، وليس جميعها (قر800 س2020 المادة 3ج):

  • محضر بالمخالفة.
  • قرار إزالة.
  • قضية ضد القرار، سواء كانت جارية، أو تم الحكم فيها وثبتت المخالفة.
  • محضر الممارسة.
  • عقود أو إيصالات مرافق (كهرباء، مياه، غاز).
  • مستخرج رسمي صادر عن مصلحة الضرائب العقارية.
  • عقود البيع المشهرة، أو الإيجار المشمولة بإثبات تاريخ بالشهر العقاري.
  • صورة ملتقطة بالقمر الصناعي.
  • تقرير يثبت تاريخ ارتكاب المخالفة صادرًا عن إحدى كليات الهندسة بالجامعات المصرية أو المركز القومي لبحوث الإسكان والبناء.

 

8. ما هي آلية تطبيق التصالح؟

تُقدَّم طلبات التصالح إلى لجان فنية على مستويات المدن أو الأحياء أو المراكز، أو الهيئات وأجهزتها (مثل المدن الجديدة والمناطق السياحية) (حتى آخر شهر مارس 2021) والتي تقوم بالبت في طلبات التصالح وتقنين الأوضاع (ق1 س2020 المادة الثالثة)، وعليه فيتم تجميد الدعاوى والإجراءات القضائية ضد المخالف. كما يمكن لمن صدرت ضده أحكام نهائية بالغرامة أو السجن التقدم وتجميد هذه الأحكام.

تضم طلبات التصالح عديدًا من الأوراق والمستندات كما تبينها اللائحة التنفيذية المعدلة للقانون بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 800 لسنة 2020، بالإضافة إلى شرح مبسط في كتيب الاستفسارات التي أصدرته وزارة الإسكان. أهم هذه المستندات:

  • ما يثبت علاقة طالب التصالح بالعقار (من عقود أو إيصالات مرافق).
  • تقرير هندسي يثبت صلاحية المبنى من الناحية الإنشائية.
  • ما يثبت وقوع المخالفة قبل العمل بالقانون (كما تناولته الفقرة أعلاه).

 

يتم البت في الطلب خلال ثلاثة أشهر من تقديمه، وفي حال قبول التصالح، يصدر قرار عن المحافظ أو رئيس الهيئة بالتقنين، بما يترتب عليه انقضاء الدعاوى وإلغاء قرارات الإزالة، وحفظ التحقيقات، وإيقاف الأحكام إن كانت صدرت، “ويعتبر ترخيص منتج لجميع آثاره بالنسبة للأعمال المخالفة محل هذا الطلب”، وفي حال صدور حكم، وقف تنفيذه (ق17 س2019 المادة السادسة). أي أن قرار التصالح بمثابة ترخيص رسمي بالبناء، ما يعني قبوله بالشهر العقاري في حال الرغبة في تسجيل العقار. وقتها يتم تسديد قيمة التصالح خلال 60 يومًا من إصدار القرار (ق17 س2019 المادة التاسعة)، دفعة واحدة، أو بالتقسيط على ثلاث سنوات بدون فوائد بعد تسديد 25% منها (ق1 س2020 المادة الخامسة – فقرة أخيرة).

في حال رفض التصالح، أو عدم تسديد مقابل التصالح (ق17 س2019 المادة التاسعة)، يصدر قرار بالرفض وتستكمل الإجراءات التنفيذية (إزالة، أو تصحيح أعمال) واستئناف نظر الدعاوى القضائية. بينما يمكن لصاحب الطلب التظلم للجنةٍ أنشئت خصوصًا لهذا الغرض (ق17 س2019 وتعديلها بـ  ق1 س2020 المادة العاشرة).

9. ما هي تكاليف التصالح؟

على طالب التصالح تسديد عدد من المطالبات المالية والقيام بأعمال مكلفة لتقديم طلب التصالح، وعند قبوله، تسدد الغرامة.

الأعمال والرسوم المطلوبة حسب ترتيبها:

  1. التقرير الهندسي والمستندات الأخرى

مطلوب عدة مستندات أغلبها حكومية وتخضع أسعارها حسب الجهة المطلوب منها المستند. أعلى هذه المستندات قيمة هي تقرير هندسي مقدم من مكتب هندسي استشاري معتمد من نقابة المهندسين، أو المراكز البحثية، أو كليات الهندسة، أو مهندس استشاري معتمد من النقابة (ق1 س2020 المادة الرابعة)، يثبت السلامة الإنشائية للمبنى وأنه لا يشكل خطرًا على الأرواح (قر800 س2020 المادة 3). فحسب بعض المكاتب، يتكلف التقرير لمبنًى بسيط أقل من ستة أدوار 10 آلاف جنيه، ولكن تزداد التكاليف بشكل مضطرد للمباني الأكبر نظرًا إلى احتياجها إلى عمل جسَّات في التربة وأخذ عينات من الخرسانة واختبارها، لذا فقد يصل إلى عشرات الآلاف من الجنيهات.

بالإضافة إلى رسوم المكتب الاستشاري، توجد رسوم تسدد إلى نقابة المهندسين ما بين 1.5 إلى 3 في الألف من القيمة الإجمالية للمخالفة (انظر لاحقًا) بحد أدنى 500 جنيه للتقرير حسب الكتاب الدوري لنقابة المهندسين بتاريخ 9/10/2019، ولكن مع إضافة القيمة النسبية، ستصبح عدة آلاف من الجنيهات. من الواضح أن بعض المكاتب الاستشارية والمهندسين تهربوا من سداد هذه الرسوم، ما دفع نقابة المهندسين إلى نشر إعلان بجريدة الأهرام يحذر المهندسين من عدم سداد هذه الرسوم (الشكل 1).

الشكل 1: تحذير من نقابة المهندسين منشور بجريدة الأهرام بتاريخ 16/4/2020.

  1. 2. طلب التصالح ورسوم جدية التصالح

عند تقديم الطلب إلى الوحدة المحلية يتم تسديد رسمين إلى الجهة. الأول رسم طلب التصالح والذي تتراوح قيمه ما بين 125 جنيهًا حتى 5000 جنيه حسب مساحة المبنى وموقعه، سواء في المدن أو القرى وتوابعها (قر1631 س2019 المادة4) (الشكل 2).

الشكل 2: جدول قيم طلبات التصالح

ولكن يقل هذا الرسم بكثير عن رسم جدية التصالح. فكان هذا الرسم طبقًا إلى إجتماع مجلس الوزراء في 8/7/2020 و الكتاب الدوري رقم 199 لسنة 2020 لوزير التنمية المحلية يتراوح ما بين 5 آلاف إلى 250 ألف جنيه بحد أقصى 25% من قيمة المخالفة المطالب بسدادها (الشكل 3). ولكن تم تعديل قيم جدية التصالح للمتقدمين في بداية سنة 2021 مع مد فترة التقديم إلى آخر شهر مارس 2021 (قر 2725 لسنة 2020) لتصبح حسب إجتماع مجلس الوزراء في 31/12/2020 كالآتي:

  • 30% من قيمة للتصالح إذا قام بالسداد في شهر يناير
  • 35% إذا قام بالسداد في شهر فبراير
  • 40% إذا قام بالسداد في شهر مارس

 

الشكل 3: قيم جدية التصالح حسب نوعية المخالفة وموقع العقار (حتى 31/12/2020

3. غرامة مقابل التصالح

بالنسبة إلى التكلفة الأكبر للتصالح، وهي غرامة التصالح نفسها، ترك القانون تقديرها للجان التقييم على مستوى المحافظات لتتراوح ما بين 50 إلى 2000 جنيه للمتر المربع (ق17 س2019 المادة الخامسة). وهذا حسب معايير مكانية تعطي قيمًا أقل للنجوع والقرى بالريف، بالمقارنة بقيمٍ أعلى بالمدن وعواصم المحافظات، بالإضافة إلى مواقع العقارات داخل المدن والقرى. تتباين طريقة التقييم بين كل محافظة سواء حسب عروض الطرق ومستواها، أو عدد أدوار العقارات، وقد يختلف الحال في محافظات أخرى.  فيم قام عدد من المحافظين بتخفيض هذه القيم لتشجيع التقدم على التصالح.

للاطلاع على قرارات المحافظين المنشورة بتحديد قيم المخالفات اضغط هنا

بالإضافة إلى هذه القيم، توجد معايير أخرى تطبق نسبًا من هذه القيم على المخالفات تتراوح ما بين 5% و100% حسب طبيعتها ما بين المخالفة للشروط التخطيطية، أو المعمارية أو الإنشائية أو النشاط إلى آخره (قر800 س2020 المادة 7د). ونظرًا إلى تعقيد هذه الحسابات، أصدرت وزارة الإسكان كتيبًا استرشاديًّا أوضحت فيه عددًا من التباديل والتوافيق لأنواع المخالفات وكيفية تطبيق معايير الاحتساب على عدة صفحات (شكل 4).

شكل 4: أحد نماذج احتساب قيمة المخالفة حسب كتيب الاستفسارات الذي أصدرته وزارة الإسكان

 

على سبيل المثال، حسب هذه القيم وطرق الحساب، يمكن لصاحب شقة 150 مترًا في مدينة المنصورة بالدقهلية، مبنية “غير مطابقة للاشتراطات البنائية والتخطيطية” كما بالشكل 2، أن يُطالَب بتسديد 150 ألف جنيه مقابل التصالح (150م× 1000جنيه/م × 100%). بينما عائلة صاحبة منزل ريفي بمساحة 100 متر مكون من أربعة أدوار بقرية صغيرة بالقليوبية، منهم دوران مخالفان إنشائيًّا كما بالشكل 2، ودوران غير مطابقين، ستقوم بتسديد 12 ألف جنيه غرامة تصالح (100م × 2 دور × 50 جم/م × 20% للمخالفة الإنشائية = 2000 جم) + (100م × 2 دور × 50 جم/م × 100% غير مطابقة = 10 آلاف جنيه).

عند صدور القرار بالتصالح، والذي يجب أن يتم البت فيه خلال ثلاثة أشهر من تقديم الطلب (ق17 س2019 المادة 4)، يسمح القانون بتسديد باقي قيمة التصالح بعد خصم ما تم تسديده من جدية التصالح، دفعة واحدة خلال 60 يومًا من إصدار القرار، أو بالتقسيط على ثلاث سنوات بدون فوائد (ق1 س2020 المادة الخامسة – فقرة أخيرة).

سمح القانون أيضًا بخصم ما سبق سداده كغرامات في أحكام قضائية خاصة بالعقار من قيمة التصالح (ق1 س2020 المادة الخامسة – فقرة أخيرة). الجدير بالذكر أن مجلس الدولة أوصى بشبهة عدم دستورية هذا الخصم نظرًا إلى عدم مساواته مع من قام بتسديد غرامة ومن قضى عقوبة بالسجن،[9] لذا فيمكن أن تسقط لاحقًا إذا تم رفع قضية ضدها، وهنا يتم إلزام صاحب المخالفة بإعادة تسديد الغرامة.

4. طلاء الواجهات

ألزم القانون طلاء الواجهات كشرطٍ من شروط قبول طلب التصالح باستثناء القرى وتوابعها (ق1 س2020 المادة السادسة – فقرة ثالثة)، والذي ستثبته المعاينة الميدانية للجنة التصالح بعد تقديم الطلب. فحسب مساحة الواجهة وأعدادها، ستكون هناك تكلفة إضافية من عدة آلاف من الجنيهات لأصحاب العقارات غير المشطبة من الخارج.

 

10. هل يمكن التصالح على وحدة واحدة بعقار به أكثر من وحدة؟

بعد جدل طويل استمر أشهرًا حول هذه النقطة، حسمت وزارة الإسكان هذه النقطة بالكتاب الدوري بتاريخ 27/7/2020 مستندة إلى اللائحة التنفيذية المعدلة (قر800 س2020 المادة 7 الفقرة 5) بأنه يجوز التقدم لوحدة واحدة شرط أن التصالح معها لا يعوق إزالة أي مخالفات أخرى لم تتقدم أو لا تقبل التصالح معها. هذا معناه ببساطة أنه لا يقبل التصالح على وحدة بطابق علوي بعقار مخالف لم تتقدم الوحدات أسفلها بالتصالح. كما نص القانون على استكمال إجراءات الإزالة تجاه الوحدات التي تقدمت بالفعل للتصالح، ولكن تأخر أصحاب الشأن في تسديد أحد أقساط الغرامة، والتي تمتد لثلاث سنوات. فما الإجراء الذي سيتم اتخاذه تجاه الوحدات التي وفَّى أصحابها بأقساط الغرامة؟ فبخلاف بعض الأوضاع الاستثنائية أو الصدف، لم تقدم هذه الإجازة كثيرًا لملاك الوحدات.

خاتمة

يمثل تطبيق قانون التصالح في وقت تمر به الأسر المصرية بضائقات مالية نتيجة أزمة الكورونا وضياع الدخل والعمل، عبئًا غير عادي عليهم. كما أن القانون نفسه به عدة نقاط غير محسومة أو غير واضحة من حيث التطبيق كما تم تناولها بهذا المقال. فمن الواضح أنه عمل غير مكتمل، فأجريت العديد من التعديلات عليه في أقل من سنة بعد صدوره، خففت من أعبائه المالي ة بعض الشيء بإلغاء الفوائد على من يطلب تقسيط الغرامة، ووسعت من قاعدة المهندسين المسموح لهم كتابة التقرير الإنشائي مما قلل من أسعار هذه التقارير بعض الشيء، وطبعًا تم مد العمل بالقانون ستة أشهر إضافية. مع بقاء نحو شهر على انتهاء المدة الثانية للتقدم بطلبات التصالح، وانخفاض أعداد المتقدمين إلى نحو 700 ألف طلب،[10] من بين نحو 3 ملايين عقار مخالف[11] (ونحو 8 ملايين وحدة)[12]، فهل سيتقدم الباقون، أم سيتم تجميد القانون لتعديله بعد انتخاب دورة جديدة لمجلس النواب،  ليكون أكثر إنصافًا لمن قاموا ببناء أو شراء وحدة سكنية لاحتياجهم الاجتماعي إلى المسكن؟ المتبقي أسابيع وسنرى.

شكر وعرفان

كتابة: يحيى شوكت

مراجعة لغوية: أحمد الشبيني

الصورة الرئيسية: مرصد العمران

 

الملاحظات والمراجع

[1] تنويه مهم: هذه النسخ من التشريعات للاسترشاد فقط وعلى أصحاب الشأن الاطلاع على نسخ رسمية مطبوعة حديثًا من أي قانون في أي شأن رسمي، وليس الاعتماد على النسخ الرقمية لأنها غير معتمدة رسميًّا. يمكن شراء هذه النسخ من المطبعة الأميرية ومكاتبها، أو من المكتبات القانونية من خلال عنوان القانون أو رقمه، أو تاريخ نشره بالجريدة الرسمية.

 [2] وزارة التنمية المحلية, “أصحاب العقارات المخالفة يتحملون المسئولية الجنائية”, 21 يوليو، 2020, http://archive.is/Hcjhx

 [3] المنظمة المصرية لحقوق الإنسان, “قانون التصالح فى مخالفات البناء وغياب العداله”, 21 يوليو، 2020, http://archive.vn/2fj2w

[4]  حسب الدكتورة سامية حسين، رئيس مصلحة الضرائب العقارية، كانت نسب التسجيل لا تتعدى 3% من العقارات. راجع: المال, “مؤتمر التطوير العقاري| الضرائب: 3% نسبة تسجيل العقار بمصر”, 30 أكتوبر، 2018, https://archive.ph/MLL9X. بينما أحصت دراسة سنة 1998 أن 10% من الوحدات فقط قابلة للتسجيل. راجع:Hernando De Soto, “Dead Capital and the Poor in Egypt”, ECES/ILD, يناير، 1998,

http://www.eces.org.eg/publications/View_Pub.asp?p_id=5&p_detail_id=184

 [5]فيما بين سنة 2011 و2018 قامت وزارة الكهرباء بتوصيل نحو 1.8 مليون عداد كودي.  وزارة الكهرباء والطاقة, “الشركة القابضة لكهرباء مصر – التقرير السنوي 2017/2018”, 2018, http://moee.gov.eg/test_new/report.aspx ص66.

  [6] حتى سنة 2011 قامت وزارة الكهرباء بتوصيل عدادات رسمية لنحو 896 ألف عميل.  وزارة الكهرباء والطاقة, “الشركة القابضة لكهرباء مصر – التقرير السنوي 2010/2011”, 2011, http://moee.gov.eg/test_new/report.aspx ص40.

 [7] تم رصد 31 عقارًا انهار لأنه مخالف إنشائيًّا، وتسببت الانهيارات في قتل 69 شخصًا. وزارة الإسكان الظل, المبادرة المصرية للحقوق الشخصية, وتاكتيكال تك, “لماذا تنهار العقارات في مصر؟”, 2014, https://egyptbuildingcollapses.org/

[8]  يختص القانون أيضًا بالمخالفات الخاصة بتغيير النشاط، ولكن لا يتطرق إليها هذا المقال.

[9] الأهرام, “البرلمان يرفض خصم سداد رسوم الغرامات في أداء قيمة التصالح”, 24 ديسمبر، 2019, http://gate.ahram.org.eg/News/2341193.aspx

[10] البوابة نيوز, “شعراوي: 688 ألف طلب تصالح تم تقديمها للمحافظات وتحصيل 3.8 مليار جنيه”, 21 أغسطس، 2020, http://archive.vn/e3XGP

[11] أخبار اليوم, “فيديو| تفتيش «الإسكان»: 2 مليون و900 ألف عقار مخالف في مصر”, 25 فبراير، 2018, https://archive.fo/X1SFJ

[12] مرصد العمران, “من يبني الإسكان في مصر؟ حقائق حجم البناء حسب القطاع 2008 > 2018”, 30 أكتوبر، 2019, http://marsadomran.info/facts_budgets/2019/10/1822/

Stay Updated with our Newsletter

اشترك بالقائمة البريدية لتحصل على آخر التحديثات